البراءة في جرائم الانترنت
البراءة في جرائم الانترنت
البراءة في جرائم الانترنت
“ليه المبتز الإلكترونى بيطلع براءة؟”.. التراخى في الإبلاغ كلمة السر.. صاحب عمل يطلب الزواج من إحدى الموظفات ويهددها بتسريب صور لابتزازها.. المجنى عليها تقيم دعوى تهديد وابتزاز إلكتروني.. والمحكمة تقضى بالبراءة
أصدرت الدائرة السابعة – بمحكمة جنايات طنطا – حكما قضائيا يكشف أسباب حصول المتهمين بالابتزاز الإلكترونى على البراءة، بعد أن قضت على صاحب العمل تقدم للزواج بإحدى العاملات للزواج، بينما رفضته الأخيرة وتركت العمل بعد محاولاته المستمرة، فقام بتهديدها بتسريب صور خاصة لها لإبتزازها، فأقامت ضده جناية تهديد وابتزاز الكتروني، والمحكمة قضت بالبراءة لعدم انطباق الاشتراطات والضوابط الفنية.
صدر الحكم في القضية المقيدة برقم 15716 لسنة 2022 جنايات أول طنطا، لصالح المحامى بالنقض عبد المجيد جابر، برئاسة المستشار عبدالحى عبد الله، وعضوية المستشارين شريف صفوت، ومحمد عبد الشافى، وبحضور كل من وكيل النيابة أحمد عبد المحسن، وأمانة سر أشرف المحمدى.
الوقائع.. صاحب العمل يطلب من إحدى الموظفات الزواج العرفى
اتهمت النيابة العامة المتهم المذكور “ل. م”، لأنه في غضون شهر يناير 2021 بدائرة قسم أول طنطا – محافظة الغربية – هدد المجنى عليها “س. ن”، كتابة بإفشاء عدد من الصور المتحصل عليها من الجريمة – موضوع الاتهام اللاحق – وذلك لحملها على القيام بعمل هو الإمتثال لأوامره لإقامة علاقة جنسية على النحو المبين بالتحقيقات، واعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها سالفة الذكر بأن تحصل على صور خاصة بها من هاتفها المحمول دون رضاها وإرسال عدة رسائل مخدشه للشرف عبر تطبيق مواقع التواصل الإجتماعى “واتس أب”، واعتدى على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصرى وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها سالفة الذكر بأن تحصل خلسة على صور خاصة بها من هاتفها المحمول وإرسال عدة رسائل مخدشه للشرف عبر تطبيق موقع التواصل الاجتماعى “واتس آب”، وتعمد إزعاج المجنى عليها باساءة استعمال أجهزة الاتصالات.
الموظفة ترفض وتترك العمل.. وصاحب العمل يهددها بصور
وفى تلك الأثناء – أحالت النيابة العامة المتهم المذكور “ل. م”، إلى المحاكمة الجنائية وطلبت عقابه بالمواد 166 مكرر، 309 مكرر/1 “بند ب”، 309 مكرر “أ” 1-2، 327/1 من قانون العقوبات، والمادة 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 والمادة 25 من القانون 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات، وذلك على سند من شهادة المجنى عليها “س. ن”، والعقيد “إكرامى. ع” وما ثبت من تقرير الإدارة العامة للمساعدات الفنية قطاع نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية.
فقد شهدت الشاهدة الأولى “س. ن”، المجنى عليها، بتحقيقات النيابة العامة بأنها على أثر عملها لدى المتهم طلب منها الزواج، فرفضت وتركت العمل لديه وأنه تحصل على صور خاصة بها من هاتفها المحمول وأرسلها لها عبر تطبيق “واتس آب” تتضمن عبارات خادشة للحياء وتهديد بنشر تلك الصور نظير إقامة علاقة جنسية معها، كما شهد الشاهد الثانى العقيد “إكرامى. ع”، رئيس فرع وسط الدلتا بالإدارة العامة لتكنولوجيا والمعلومات أن تحرياته أسفرت عن صحة ارتكاب المتهم للواقعة بأنه على أثر علاقة عمل كانت تجمعه بالمجنى عليها تحصل على صور خاصة بها من هاتفها المحمول وأرسلها لها عبر تطبيق “واتس آب” تتضمن عبارات خادشة للحياء وتهديد بنشر تلك الصور نظير إقامة علاقة جنسية معها.
الموظفة تقيم ضد دعوى ابتزاز الكترونى
ثبت من تقرير الإدارة العامة للمساعدات الفنية قطاع نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية أنه بفحص الهاتف المحمول الخاص بالمجنى عليها – الشاهدة الأولى – وبالدخول على تطبيق “واتس آب” تبين وجود حساب منشأ على ذات التطبيق بالشريحة رقم “……….” وبفحص الرسائل الخاصة بذلك التطبيق تبين قيام مستخدم الهاتف المحمول الذى يحمل شريحة رقم “……….” بإرسال رسائل لها تتضمن فحواها مضمون ما جاء بالصور المرفقة بتقرير الفحص الفني، بإجراء التحريات الفنية تبين أن الشريحة رقم “……” خاصة بالمتهم، مرفق بتقرير الفحص الرسائل المرسلة من المتهم للمجنى عليها – الشاهدة الأولى – تتضمن العبارات محل الواقعة بأن وجه لها عبارات “هاعمل الصور سبونسر علشان يشوفها نفر نفر، هاطبع من الصور 20 ألف نسخة ألوان وتوزع مجانا على أهالى المنطقة، خلى ملف الصور يلف العالم، ملف صور ممكن ينزل على كل مواقع النت”.
صاحب العمل ينكر الاتهام.. ويقرر أن التليفون محل الواقعة هو تليفون الشركة
وبجلسة المحاكمة مثل المتهم وحضر معه – محام – ومثل وكيل المجنى عليها وادعى مدنيا بمبلغ مائة ألف وواحد على سبيل التعويض المدنى المؤقت وانضم للنيابة العامة في طلباتها والدفاع الحاضر مع المتهم دفع ببطلان الدليل الفني لعدم انطباق الاشتراطات والضوابط الفنية التي يجب أن تتبع في الدليل الرقمى كى يعد دليلا في الاثبات الجنائى وانعدام الكفاية الفنية للتقرير الفني وتحريات الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، وخلو الأوراق من استعلام من شركة الاتصالات وتحريات مباحث التليفونات يؤكدان أن الخط ملك للمتهم بشخصه، وأن الهاتف رقم “……..” خاص بالشركة ويستخدمه كافة الموظفين بالشركة، ومكتبية التحريات وعدم جديتها، وخلو الأوراق من دليل يقينى يقطع بثبوت الاتهام قبل المتهم وشرح ظروف الدعوى وتناولها بالتشكيك وعدم المعقولية وانتى لطلب القضاء بالبراءة.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أنه محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ترى أن الأدلة التي ركنت إليها النيابة العامة للتدليل على صحة الاتهام وسلامة إسناده للمتهم وصولا للقضاء بإدانته قد جاءت قاصره عن بلوغ حد الكفاية لإدراك هذا القصد وآية ذلك:
المحكمة تفند الواقعة.. وتستطرد في الحديث عن التراخى في الابلاغ
أولا: أن المحكمة لا تطمئن لأقوال المجنى عليها شادة الإثبات الأولى إذ ليس من المتصور عقلا أن يقوم المتهم بالتحرش بها وتهديدها كتابة بإفشاء عدد من الصور المتحصل عليها من جريمته في غضون شهر يناير 2022 ولا تتوجه للإبلاغ عن الواقعة إلا بتاريخ 2 فبراير 2022 الساعة 11،45 صباحا رغم علمها بشخص المتهم وجميع بياناته أي أنها تراخت عن الإبلاغ عن تلك الواقعة، كما أنه لا يعقل أن يقوم المتهم بالتحرش بالمجنى عليها باللمس والألفاظ ولم تقم بالإبلاغ عن تلك الجريمة ولم تصمم عليها بالتحقيقات الأمر الذى ترى معه المحكمة أن للواقعة صورة أخرى لم تكشف عنها الأوراق والتحقيقات.
ثانيا: أن المحكمة تتشكك في اقوال المجنى عليها إذ جاءت متناقضة مع بعضها بمحضر جمع الاستدلالات والتحقيقات إذ نجد محاميها يقدم مذكرة قى صدر البلاغ أن المتهم تحرش بالمجنى عليها محاولا إقناعها بإنشاء علاقة محرمه وعندما امتنعت وقررت ترك العمل، قام بإرسال رسائل يوجد بها عبارات تحرش وصور خادشة للحياء وتهديدها بفضح أمرها، ونجد المجنى عليها تقرر استدلالا أن المتهم عرض عليها الزواج عرفيا، ولكنها رفضت وتركت العمل وأعطاها راتبها غير كامل، وعندما طالبته بباقى راتبها فوجئت بنشر صورها وإرسال رسائل لها وأنه تحصل على صورها من هاتفها الذى طلبه منها لإجراء مكالمة وتركته له ثم أرسله لها ثم عادت بالتحقيقات، وقررت أنها رفضت زواجها من المتهم لكبر سنه وأنها لظروفها عادنت مرة أخرى للعمل لديه، ثم تركته عندما تحرش بها مرة أخرى، وعندما طالبته بباقى راتبها قام بتهديدها بالرسائل سالف الذكر، وأن المتهم كان يأخذ هاتفها لعمل مكالمات لساعات مما تتشكك المحكمة في أقوال المجنى عليها.
والمحكمة تقضى بالبراءة لعدم انطباق الاشتراطات والضوابط الفنية
ثالثا: أن المحكمة لا تطمئن إلى التحريات التي أجراها شاهد الإثبات الثانى المثبتة لدى سؤاله بتحقيقات النيابة العامة بتاريخ 11 مايو 2022 والتي جاءت متناقضة مع أثبته النقيب “أحمد. أ” بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات إدارة مكافحة جرائم تقنية المعلومات فرع وسط الدلتا بمحضر تحرياته المؤرخ 24 فبراير 2022 إذ قرر الشاهد الثانى أن تحرياته السرية باستخدام البرامج والتقنيات الحديثة تبين أن المستخدم الفعلى للهاتف محل الواقعة هو المتهم، بينما قرر النقيب “أحمد. أ” أن تحرياته السرية باستخدام البرامج والتقنيات الحديثة لم يتمكن الفحص الفني من تحديد المستخدم الفعلى لرقم الهاتف مرسل الرسائل.
رابعا: أن ما ثبت بتقرير الفحص الفني بأن الهاتف رقم “………” هو مرسل الرسائل محل الواقعة ليس دليل أن المتهم هو القائم بذلك الفعل، كما أن المحكمة تتشكك في خصوصية المتهم، لهذا الهاتف بمفرده كما لا تطمئن لما أثبته محرر تقرير الفحص الفني من أن تحرياته الفنية تبين أن الهاتف خاص بالمتهم ولم يثبت أنه الوحيد المختص به فقط من عدمه.
لما كان ذلك وكان القضاء الجنائى يبنى على الجزم واليقين وليس على الشك والتخمين وكان الدليل القائم في الأوراق قبل المتهم عماده أقوال المجنى عليها والتي أحاط بها الشك من كل جانب ولا تطمئن إليها المحكمة وتعتد بإنكار المتهم ودفاعه الأمر الذى يتعين معه وعملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية القضاء ببراءة المتهم مما اسند إليه.
عقوبة الابتزاز الإلكتروني واركانه وكيفية اثباته في القانون:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلًا من الأفعال الآتية:
1- الإعتداء على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري.
2- انتهاك حرمة الحياة الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته.
3- نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارًا أو صورًا وما في حكمها تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة.
وفقًا لما نصت عليه المادة ( 25 ) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الصادر برقم 175 لسنة 2018، ونصت المادة (26) من القانون ذاته، على أن:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه لا تجاوز 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه.
والابتزاز الإلكتروني، عملية تهديد وترهيب للضحية بنشر صور أو مواد فيلمية أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين، كالإفصاح بمعلومات سرية خاصة بجهة العمل أو غيرها من الأعمال غير القانونية، وعادة ما يتم تصيد الضحايا عن طريق البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كـ الفيس بوك، تويتر وإنستجرام وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي نظرًا لانتشارها الواسع واستخدامها الكبير من قبل جميع فئات المجتمع، وتتزايد عمليات الابتزاز الإلكتروني، فى ظل تنامى عدد مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى، والتسارع المشهود في أعداد برامج المحادثات المختلفة.
وعن عقوبة جريمة الابتزاز الإليكتروني فقد نص قانون العقوبات المصرى فى المادة 327 على أن: “كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور تخدش الشرف يعاقب بالسجن، وتنخفض إلى الحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب مادى”.
كما أن تهديد شخص لآخر بجريمة ضد النفس تصل عقوبتها إلى السجن، مدة لا تتجاوز 3 سنوات، إذا لم يكن التهديد مصحوبًا بطلب أموال أما اذا كان مصحوبا بطلب مال فقد تصل العقوبة للحبس 7سنوات.
إثبات جريمة الابتزاز :-
كي يمكنك إثبات جريمة الابتزاز الإلكتروني لا بدّ من توافر الأدلة والمواثيق التي تدين المبتز وهي المكتوبات أو الصور أو المقاطع المرئية أو الصوتية التي يبتزك بها، ويتم ذلك عن طريق الاحتفاظ بأكثر من نسخة منها فور إرساله لك.
أركان جريمة الابتزاز الإلكتروني :-
كي يتم إثبات أي جريمة في أي قانون لا بدّ من توافر عدة أركان لها، وتتمثل أركان جريمة الابتزاز الإلكتروني فيما يلي:
ركن مادي: وهو قيام المبتز بتهديد وتخويف المجني عليه بفضحه ونشر خصوصيته وانتهاكها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الإنترنت عامة، إذا لم يستجب لما يمليه عليه المبتز والتي تكون مطالب غير مشروعة.
ركن معنوي: ويقصد به توافر عنصري العلم والإرادة في المبتز، بأن يريد ابتزاز وتخويف الضحية كي تنفذ له ما يريد ويعلم أن هذا الفعل ليس له حق فيه.
-توافر الأدلة التي هدد بها المبتز الضحية، وهذا يعد من أهم الأركان في جريمة الابتزاز الإلكتروني.