جرائم التعامل بالنقد الأجنبي
جرائم التعامل بالنقد الأجنبي
جرائم التعامل بالنقد الأجنبي
جرائم التعامل بالنقد الأجنبي أدى جشع التجار وأصحاب شركات الصرافة إلى تفاوت كبير في أسعار العملات الأجنبية ما بين السعر الرسمي المقرر والسعر لدى شركات الصرافة والوسطاء وتجار العملة الأمر الذي أضحى السعر المقرر للعملات المذكورة أضعاف السعر المقرر بما يؤثر على سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى على نحو يضر بالمواطنين أبلغ الضرر مما حدى بالمشرع إلى التدخل بإصدار القانون رقم ٦٣ لسنة ۲۰۱٦ معدلاً المادة ۱۲٦ من القانون رقم ٨٨ لسنة ٢٠٠٣ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد،
إذ نصت الفقرتان الأولى والثانية من المادة ۱۲٦ من القانون المذكور المستبدلة بالقانون رقم ٦٣ لسنة ٢٠١٦ على أنه ” يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه أو المبلغ محل الجريمة أيهما أكبر كل من خالف أحكام المادة (۱۱۱) من هذا القانون أو المادة (١١٤) والقرارات الصادرة تطبيقاً لها.
جرائم التعامل بالنقد الأجنبي
ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه كل من خالف أياً من أحكام المادتين ( ۱۱۳ و ۱۱۷ ) من هذا القانون “. وبموجب التعديل المذكور جرم التعامل بالنقد الأجنبي واصبحت جرائم التعامل بالنقد الأجنبي إذا ما خالف الاشتراطات المنصوص عليها في المواد ۱۱۱ ، ۱۱۳ ، ۱۱٤ ، ۱۱۷ من القانون سالف الذكر.
و جرائم التعامل بالنقد الأجنبي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً كان مجرماً منذ صدور القانون رقم ۸۰ لسنة ١٩٤٧ وحل محله القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٧٦ ثم القانون رقم ۳۸ لسنة ۱۹۹٤ ، وبصدور القانون رقم ۸۸ لسنة ۲۰۰۳ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد خفف من شدة ونطاق هذا التجريم ثم عاد إليه مرة أخرى مقرراً له عقوبات أشد بموجب القانون رقم ٦٣ لسنة ٢٠١٦ لضبط سوق النقد وحماية المتعاملين من جشع التجار.
التطور التشريعي ل جرائم التعامل بالنقد الأجنبي
بدأت فكرة جرائم التعامل بالنقد الأجنبي بالحظر المطلق، وعبرت عن هذا المعنى بجلاء محكمة النقض فقررت أنه ” لما كان البين من تشريع الرقابة على عمليات النقد الأجنبي عموماً، ومن مذكرته التفسيرية، وأعماله التحضيرية ومن القانون رقم ۱۰۹ لسنة ۱۹۳۹ الذي نسخت احكامه بالقانون رقم ٨٠ لسنة ١٩٤٧، أصله التاريخي والمصدر الذي استمد منه التشريع الفرنسي ،،،
إن الرقابة على عمليات النقد تنصب على كل عملية من أي نوع أيا كان الاسم الذي يصدق عليها القانون يكون موضوعها نقداً أجنبيا مادام من شأنها أن تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى ضياع نقد أجنبي كان من حق الدولة أن تحصل عليه، إذ أن الشارع فرض نوعاً من الحجز أو الاستيلاء أو التجميد على النقد الأجنبي كله ووضعه تحت تصرف الدولة المهيمنة على الاقتصاد القومي لا يباح لأي شخص أن يتصرف في مبلغ منه إلا بإذنها.
وكل إخلال بالتجميد الذي فرضه الشارع في هذا الشأن يقع حتماً في نطاق التأثيم والعقاب. فحاصل تشريع الرقابة على النقد الأجنبي أمر حظر مطلق، وتنظيم إداري يسمح بالاستثناء. والواقع أن هذا الحظر ظل قائما لحين صدور القانون رقم ۸۸ لسنة ٢٠٠٣ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الذي خفف من حدة تجريم التعامل بالنقد الأجنبي وضيق كثيراً من نطاقه إلى أن صدر القانون رقم ٦٦ لسنة ٢٠١٦ معدلاً أحكام القانون رقم ۸۸ لسنة ۲۰۰۳.
وإن كان القانون رقم ۹۷ لسنة ١٩٧٦ كان أخف في أحكامه من القانون رقم ۸۰ لسنة ۱۹٤٧ إذ ورد فيه عقوبات أخف منه، وأباح الاحتفاظ بالنقد الأجنبي الناتج عن غير عمليات التصدير السلعي أو السياحة، وهو ما سار عليه بدوره القانون رقم ۳۸ لسنة ۱۹۹٤ الذي جاءت أحكامه أكثر تساهلا من القانون السابق عليه وخفف من حدة هذا الحظر إلى حد كبير إذ خفف بعض العقوبات وأخرج بعض الوقائع التي كانت مؤثمة من نطاق التجريم.
والواقع أن السبب المباشر لتغير اتجاه المشرع المصري بالنسبة ل جرائم التعامل بالنقد الأجنبي هو التحولات الاقتصادية الناتجة عن السياسة الاقتصادية للدولة.
اركان جرائم التعامل بالنقد الأجنبي
جرائم التعامل بالنقد الأجنبي لها ركنان هما الركن المادي، والركن المعنوي. وتخصص لكل منهما فرعا على حدة.
الركن المادي فى جرائم التعامل بالنقد الأجنبي
صور النشاط الإجرامي :
ينهض الركن المادي ل جرائم التعامل بالنقد الأجنبي على عدة صور وهي مخالفة أحكام المواد. ۱۱۱ ، ۱۱۳ ، ۱۱۹ ، ۱۱۷ من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم ۸۸ لسنة ۲۰۰۳ . ومن ثم فهذه الوقائع المؤثمة تشكل عدداً من الجرائم يجمع بينها قاسم مشترك، هو الإخلال بالقواعد المقررة للتعامل بالنقد الأجنبي.
أولاً: تحويل النقد الأجنبي للداخل والخارج:
قصرت الفقرة الأولى من المادة ۱۱۱ من القانون رقم ۸۸۸ لسنة ۲۰۰۳ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد تحويل النقد الأجنبي للداخل والخارج على البنوك المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي دون غيرها، ومن ثم فأي بنك غير مرخص له بالتعامل بالنقد الأجنبي إذا ما حول نقد أجنبي للداخل أو للخارج يكون مرتكباً لهذه الجريمة بواسطة الشخص الطبيعي الذي اقترف الفعل المذكور، وقد يتوافر معه مساهمون في الجريمة سواء أكانوا من العاملين بالبنك أو خارجه.
ثانياً: التعامل داخل مصر بالنقد الأجنبي :
أوجبت الفقرة الأخيرة من المادة ۱۱۱ سالفة الذكر أن يكون التعامل داخل مصر بالجنيه فقط دون غيره من العملات، باعتبار أن التعامل بالعملة الرسمية للدولة يعد مظهرا من مظاهر سيادتها داخل حدودها الإقليمية، ويتسع مفهوم التعامل ليشمل مبادلة العملة المصرية بالأجنبية والبيع والشراء والإقراض والاقتراض بالعملة الأجنبية خارج السوق المصرفية.
وقد تقرر ذلك لحماية العملة المحلية حتى يكون لها السيادة في الدولة، وهو أمر بديهي معمول به في كافة التشريعات المقارنة ، وبالتالي فإن أي تعامل يتم داخل مصر بعملة أخرى بخلاف الجنيه يكون فعلاً مؤثماً، كما لو طلب صاحب شركة سياحية ثمن الحج أو العمرة بالريال السعودي أو رسوم السفر إلى أوربا باليورو، أو طلب تاجر ثمن سلعة أو خدمة بالدولار الأمريكي أو طلب المدارس والجامعات الدولية مصروفاتها بالعملة الأجنبية، أو قام شخص بالاتجار في العملة الأجنبية،
ويعد من قبيل النقد الأجنبي أيضاً الشيكات متى كانت بالنقد الأجنبي. وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض أنه من المقرر أن النشاط المادي في كافة جرائم التعامل بالنقد الأجنبي يتمثل في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي أيا كان نوعها سواء أكان تعاملاً أو تحويلاً أو تعهداً أو مقاصة أو غير ذلك من العمليات التي بين الفعل نوعها أو غيرها مما لم ينص عليه مادام قوامها جميعاً التعامل بالنقد الأجنبي،
وكان الشيك إذا ما استوفى شرائطه القانونية يعتبر أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع دائماً ويغني في استعمال النقود في المعاملات، ويعتبر كالنقود سواء بسواء ويجري مجراها في التعامل به مادام قوامه نقداً أجنبيا يقع تحت طائلة التأثيم والعقاب (۱).
كما قضت محكمة جنايات القاهرة الاقتصادية أن ” المحكمة قد أحاطت بواقعات الدعوى وظروفها على النحو السالف البيان قد ثبت جميعاً وتوافرت الأدلة على نسبتها إلى المتهمين بضبطهما والجريمة متلبساً بها فقد شهد المقدم … الضابط بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة بأنه وردت له معلومات من أحد مصادره السرية أكدتها تحرياته تفيد تعامل المتهم الأول في النقد الأجنبي خارج السوق المصرفية وبناء على الاتفاق المبرم بين المصدر السري والمتهم الأول انتقل رفقة الأول يوصفه أحد معاونيه إلى مسكن الأخير لشراء مبلغ خمسة آلاف جنيه استرليني وسيعة آلاف دولار أمريكي،
وأثناء ذلك حضر المتهم الثاني وعرض على المتهم الأول بيع مبلغ خمسة عشرة ألف وثلاثة وتسعين دولار أمريكي، فقبل المتهم الأول وتسلم منه ذلك المبلغ وسلمه ما يقابله بالجنيه المصري و تعهد له باستكمال المبلغ المستحق لاحقا، فقام بضبطهما وبحوزة المتهم الأول مبلغ ثلاثمائة وتسعين ريال سعودي وثلاثة آلاف وستمائة يورو أوربي وعشرة آلاف جنيه مصري وبمواجهتهما بالعملة المضبوطة أقرا بحيازتها بقصد. الاتجار خارج السوق المصرفية.
وكانت المحكمة تطمئن إلى أقوال هذا الشاهد وتأخذ بها كما تبين للمحكمة من مطالعة تفريغ الرسائل التي يحتويها هاتف المتهم الأول والتي أرفقها ضابط الواقعة بالمحضر أنها عبارة عن رسائل متبادلة بين المتهم الأول وآخرين تتضمن استعلام عن أسعار الدولار الأمريكي واليورو والريال السعودي، وكان السيد محافظ البنك المركزي المصري قد طلب رفع الدعوى الجنائية عن الواقعة كما تقضي المادة ۱۳۱ من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم ۸۸ لسنة ٢٠٠٣.
وحيث إن المحكمة اطمأنت إلى ثبوت الجرم في حق المتهمين من أدلة متساندة لها أصلها الثابت بالأوراق. الأمر الذي يتعين معه إدانتهما”.
ثالثاً: تصدير واستيراد أوراق النقد الأجنبي :
قصرت الفقرة الأولى من المادة ۱۱۳ من القانون رقم ۸۸ لسنة ۲۰۰۳ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد تصدير واستيراد أوراق النقد الأجنبي على البنوك المعتمدة وذلك بعد موافقة البنك المركزي. وتقع الجريمة في هذه الصورة في حالتين، الأولى ألا يكون البنك من البنوك المعتمدة من قبل البنك المركزي في التعامل بالنقد الأجنبي.
أما الحالة الثانية فتفترض أن البنك معتمد، ولم يحصل على موافقة البنك المركزي على عملية الاستيراد أو التصدير، أو أن البنك غير معتمد، وتبعاً لذلك لم يحصل على موافقة البنك المركزي. بيد أنه للبنوك المعتمدة قبول الودائع والتعامل والتحويل والتشغيل والتغطية فيما تحوزه من أرصدة بالنقد الأجنبي.
رابعا: تعامل شركات الصرافة بالنقد الأجنبي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً
هذه الصورة نصت عليها المادة ١١٤ من قانون البنك المركزي سالف الذكر، وتعد من أهم صور الركن المادي لهذه الجريمة كما أنها شائعة من الناحية العملية، ولها ثلاث حالات الأولى هي تعامل شركة الصرافة في النقد الأجنبي دون أن تكون حاصلة على ترخيص بذلك، سواء كانت مجرد شركة مساهمة لم تحصل على ترخيص بالتعامل في النقد الأجنبي، أو شركة فعلية لم تسجل في مصلحة الشركات ولم تحصل على ترخيص بمزاولة أعمالها.
أما الحالة الثانية فتتمثل في أن الشركة مرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي، بيد أنها خالفت شروط الترخيص، إذ أن محافظ البنك المركزي يحدد للشركات المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي قواعد وإجراءات هذا التعامل، ومن ذلك بيع أو شراء العملة الأجنبية على خلاف السعر المقرر من قبل البنك المركزي.
والحالة الثالثة هي اتباع شركة الصرافة سياسة من شأنها الإضرار بالمصلحة الاقتصادية العامة ولهذه الصورة معنى واسع يشمل كل سياسة الشركة الصرافة من شأنها الإضرار بالمصلحة الاقتصادية العامة كما في قيام بعض الأشخاص بسحب عملة أجنبية معينة من السوق وحيازتها لفترة أو تخزينها بقصد أن يزيد الطلب عليها وتزيد قيمة العملة المذكورة تبعاً لذلك على نحو يضر بالعملة المحلية ولا يقتصر التجريم فقط على شركات الصرافة غير المصرح لها بالتعامل في النقد الأجنبي، وإنما يمتد ليشمل الأشخاص الطبيعية والاعتبارية التي تتعامل بالنقد الأجنبي أو الاتجار فيه.
خامساً: عدم تقديم البنوك وشركات الصرافة البيانات المقررة للبنك المركزي:
ألزمت المادة ۱۱۷ من القانون رقم ۸۸ لسنة ۲۰۰۳ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد البنوك المعتمدة وشركات الصرافة والجهات المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي سواء تمت لحسابها أو لحساب الغير، وهذه الجريمة من جرائم ذوي الصفة الخاصة، فلا يعد فاعلاً لها إلا الشخص الطبيعي المسئول في البنك وهو غالباً رئيس مجلس إدارته والمسئول عن شركة الصرافة أو المسئول عن أي جهة مرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي. وأناط المشرع بمجلس إدارة البنك المركزي توقيت البيانات ومحتواها وأسلوب ومواعيد تقديمها.
الشروع فى جرائم التعامل بالنقد الأجنبي:
يتحقق الشروع في جرائم التعامل بالنقد الأجنبي بكل فعل يؤدي حالاً ومباشرة إلى ارتكاب جرائم التعامل بالنقد الأجنبي، وجرائم التعامل بالنقد الأجنبي من الجنايات ومن ثم يعاقب على الشروع فيها باعتبار أن المشرع لم يستبعد العقاب على الشروع فيها بنص صريح، كما أن طبيعتها لا تأباه.
وتطبيقا لذلك قضت محكمة جنايات القاهرة الاقتصادية بتوافر الشروع في قضية تتلخص وقائعها في أن المتهمين شرعوا في التعامل في النقد الأجنبي على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً ودون أن يتم ذلك عن طريق البنوك المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي أو الجهات المرخص لها قانونا وذلك بأن بدأوا في استبدال مبلغ أربعين ألف دولار أمريكي وأربعين ألف ريال سعودي بنقد مصري مع المصدر السري لضابط الواقعة إلا أنه أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه ألا وهو ضبطهم والجريمة متلبساً بها.
الركن المعنوي فى جرائم التعامل بالنقد الأجنبي
القصد الجنائي فى جرائم التعامل بالنقد الأجنبي:
معظم جرائم التعامل بالنقد الأجنبي من الجرائم العمدية التي لابد لقيامها من توافر القصد الجنائي ومنها تحويل النقد الأجنبي للداخل والخارج والتعامل داخل مصر بالنقد الأجنبي وتصدير واستيراد أوراق النقد الأجنبي وتعامل شركات الصرافة في النقد الأجنبي في غير الأحوال المصرح بها قانونا. والجرائم المذكورة من الجرائم العمدية التي لم يستلزم القانون لها قصداً خاصاً،
بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام، والذي يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل. كما أنه لا يؤثر على توافر القصد الجنائي وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض أن دعوى الجهل بالواقعة محل التجريم والغلط فيها، وهو في حقيقته دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون – وهو لا يقبل منه لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا ينفي القصد الجنائي،
وقد جرى قضاء النقض على أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له – مفترض في حق الكافة ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي.
الخطأ غير العمدي فى جرائم التعامل بالنقد الأجنبي:
تتحقق جريمة عدم تقديم البنوك أو شركات الصرافة المصرح لها بالتعامل بالنقد الأجنبي البيانات اللازمة للبنك المركزي سواء كان ذلك عمداً أم بطريق الإهمال، فسيان أن تقع الجريمة لرغبة الجاني في إخفاء بعض المعلومات عن البنك المركزي أو كانت ثمرة نسيان أو عدم اكتراث. ففي جميع هذه الحالات يحق العقاب على الجاني بصرف النظر عن الدافع الذي جعله يمتنع عن تفيذ أوامر القانون.
عقوبة جرائم التعامل بالنقد الأجنبي
صدر الكتاب الدوري رقم ۱۳ لسنة ۲۰۱٦ من المستشار النائب العام في سبيل تحقيق الأهداف المنشودة من تحقيق العدالة الناجزة وحسن سير العمل بالنيابات. وتضمن الكتاب الدوري المذكور مراعاة التشديد الوارد في العقوبات الواردة في المادة ۱۱۱ من القانون رقم ۸۸ لسنة ۲۰۰۳ الخاصة بتعامل الشخص الطبيعي أو الاعتباري في النقد الأجنبي بالمخالفة للقانون، والمادة ١١٤ من ذات القانون المتعلقة بتعامل شركات الصرافة والجهات المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي بالمخالفة للترخيص الممنوح لها.
أولاً عقوبة الجناية فى جرائم التعامل بالنقد الأجنبي:
عندما تكون جرائم التعامل بالنقد الأجنبي جناية فرض لها المشرع عقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات، والغرامة التى لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه أو المبلغ محل جرائم التعامل بالنقد الأجنبي أيهما أكبر. وواضح جسامة العقوبة المقررة ل جرائم التعامل بالنقد الأجنبي،
بيد أن ذلك يرجع إلى فداحة الضرر المترتب على ارتكابها. وهو ما يعتبر استثناء على الجرائم الاقتصادية التي غالباً ما تكون العقوبة المقررة لها هي الغرامة نظراً لجسامة الفعل المرتكب وما يترتب عليه من ضرر بالغ. وهذه الجريمة باعتبارها من قبيل الجنايات، فإن الشروع معاقب عليه فيها دون حاجة إلى نص صريح يقرر ذلك، ولعدم وجود نص صريح بعدم العقاب على الشروع فيها.
ثانياً – عقوبة الجنحة فى جرائم التعامل بالنقد الأجنبي:
قرر المشرع ل جرائم التعامل بالنقد الأجنبي عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات والغرامة التي لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه.
أسباب البراءة في قضية تعامل في النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانونًا
مثال على الضبط الباطل.. لإتمامه بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة من حالات التلبس
تحريات الضابط السرية دلته على قيام المتهم بالاتجار في النقد الأجنبي وأنه يحوز كمية منها في محل المصوغات الذهبية المملوك له، فتوجه إليه ودلف إلى حانوته فأبصر كمية من العملات الأجنبية والوطنية على الطاولة فضبطه والنقد الأجنبي والمصري، وبمواجهته بالمضبوطات أقر بأنها حصيلة اتجاره في العملة، لماذا اعتبرت محكمة النقض أن هذا الضبط باطل؟
نتعرف في هذا النقض على:
1 ـ مفاد المادتان ٣١ و١١١ من القانون ٨٨ لسنة ٢٠٠٣، والمستفاد من الجمع بينهما ؟
2 ـ حالات التلبس واردة على سبيل الحصر بالمادة ٣٠ إجراءات جنائية لا يجوز التوسع فيها بطريق القياس أو التقريب.
3 ـ أن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة من الغير غير كاف لقيام حالة التلبس.
4 ـ أن حالة التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها.
5 ـ أن حرمة المتجر مستمدة من اتصاله بشخص صاحبه.
الوقائـــــــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
ـ تعامل في النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً خارج نطاق السوق المصرفي على النحو المبين بالأوراق.
ـ باشر عمل من أعمال البنوك على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
ـ وأحالته إلى محكمة جنايات …. وقيدت برقم …. لسنة ٢٠١٧ جنايات …. وبرقم …. لسنة ٢٠١٦ كلي دمياط وبجلسة .. من …. لسنة ٢٠١٨ قضت المحكمة / حضورياً بتوكيل بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها.
ـ واحيلت الدعوى إلى محكمة جنايات …. الاقتصادية وقيدت برقمها الحالي وقضت بجلسة .. من …. لسنة ۲۰۱٨ عملاً بالمواد ٣١/١، ١١١/١، ٢، ١١٤/١، ١١٨، ١١٩، ١٢٦ / ٢، ٣، ١٢٩، ١٣١ من القانون رقم ٨٨ لسنة ٢٠٠٣ المعدل بالقانون ٦٦ لسنة ٢٠١٧ بشأن البنك المركزي بشأن البنك المركزي. مع أعمال المادتين ۱۷، ۳۲ من قانون العقوبات.
ـ حضورياً بتوكيل بمعاقبة المتهم/ …. – بالحبس لمدة سنة مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ اليوم وبتغريمه مبلغ مليون جنيه ومصادرة المبالغ المضبوطة بحوزته، وذلك عن التهمة المسندة إليه.
ـ فطعن الأستاذ / …. المحامي وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ ٣٠ من أبريل لسنة ٢٠١٨.
ـ وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه موقع عليها من الأستاذ / …. المحامي.
– وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
الدفع ببطلان القبض والتفتيش والرد عليه:
جاء الرد على الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش في: ( أنه قد وردت معلومات للضابط تأكد من صحتها بتحرياته أن المتهم يقوم بالاتجار في النقد الأجنبي خارج السوق المصرفية فاتجه بالقرب من حانوته ودفع بأحد المصادر السرية بالتعامل مع المتهم لتغيير بعض العملات، وتبين أن المحل مفتوح ومتاح لدخول العامة، وحال دلوفه المحل تقابل مع المتهم وشاهد على البنك الخاص بالمحل بعض العملات الأجنبية والمصرية، وكانت المحكمة تطمئن إلى القبض والتفتيش وأنه قام بناءً على إجراءات صحيحة وتتوافر معها حالة التلبس مما يكون الدفع قد ورد في غير محله وترفضه المحكمة ).
النقض:
مفاد المادتان ٣١ و١١١ من القانون ٨٨ لسنة ٢٠٠٣، والمستفاد من الجمع بينهما ؟
نصت المادة ٣١ من القانون رقم ٨٨ لسنة ٢٠٠٣ بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد على أنه ( يحظر على أي فرد أو هيئة أو منشأة غير مسجلة طبقاً لأحكام هذا القانون أن تباشر أي عمل من أعمال البنوك ويستثنى من ذلك الأشخاص الاعتبارية العامة التي تباشر عملاً من هذه الأعمال في حدود سند إنشائها ويقصد بأعمال البنوك في تطبيق أحكام هذه المادة كل نشاط يتناول بشكل أساسي واعتيادي قبول الودائع والحصول على التمويل واستثمار تلك الأموال في تقديم التمويل والتسهيلات الائتمانية والمساهمة في رؤوس أموال الشركات وكل ما يجري العرف المصرفي على اعتباره من أعمال البنوك ويحظر على أية منشأة غير مسجلة طبقاً لأحكام هذا القانون أن تستعمل كلمة بنك أو أي تعبير يماثلها في أية لغة سواء في تسميتها الخاصة أو في عنوانها التجاري أو في دعايتها )، ونصت الفقرة الأولى من المادة ١١١ منه على أن ( لكل شخص طبيعي أو اعتباري أن يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي وله الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخلياً على أن تتم هذه العمليات عن طريق البنوك المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي )، وكان المستفاد من الجمع بين هاتين المادتين أن المشرع أباح لكل شخص طبيعي أو اعتباري حيازة النقد الأجنبي ما دام لا يتعامل فيه عن غير طريق البنوك المعتمدة – وهو مناط التأثيم – ، كما حظر عليه مباشرة عمل من أعمال البنوك دون ترخيص عدا الأشخاص الاعتبارية العامة التي تباشر عمل من هذه الأعمال – أعمال البنوك – في حدود سند إنشائها.
حالات التلبس واردة على سبيل الحصر بالمادة ٣٠ إجراءات جنائية لا يجوز التوسع فيها بطريق القياس أو التقريب
تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة من الغير غير كاف لقيام حالة التلبس
حالة التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها
حرمة المتجر مستمدة من اتصاله بشخص صاحبه.
من المقرر أن حالات التلبس واردة في المادة ٣٠ من قانون الإجراءات الجنائية على سبيل الحصر، ولا يصح التوسع فيها بطريق القياس أو التقريب وأن القاضي لا يملك خلق حالات تلبس جديدة غير الحالات التي ذكرها القانون بالنص، كما أنه من المقرر أنه لا يكفي لقيام حالة التلبس أن يكون مأمور الضبط القضائي قد تلقى نبأ الجريمة من الغير ما دام هو لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها.
كما أن حالة التلبس تلازم الجريمة في ذاتها، وأن حرمة المتجر مستمدة من اتصاله بشخص صاحبه.
لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في بيانه للواقعة وأقوال مأمور الضبط القضائي وما ردَّ به على الدفع ببطلان القبض والتفتيش – وما يبين من المفردات المضمومة – تنطق بعدم وقوع جريمتي التعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك المعتمدة ومباشرة عمل من أعمالها دون ترخيص، إذ لم يشاهد الضابط الطاعن يتعامل في النقد الأجنبي مع المرشد السري الذي دفعه إليه، ولم يقدم له الأخير أوراق نقد كأثر من آثار تلك الجريمة، ولا يكفي للقول بقيام هذا الأثر أن يتلقى نبأها عن المرشد السرى، ما دام هو لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ عن وقوعها بذاته كما خلت الأوراق من أي جريمة أخرى مؤثمة قانوناً، فإن دخول الضابط حانوت الطاعن وضبط النقد الأجنبي والمصري يكون قد تم بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة من حالات التلبس، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة هذا الضبط يكون مخالفاً للقانون واجباً نقضه.
ولما كان الدليل المستمد من هذا الضبط الباطل هو قوام الإدانة في الدعوى، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه – والمفردات المضمومة – لا يوجد فيها من دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن مما أسند إليه عملاً بالفقرة الأولى من المادة ٣٩ من القرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
رقم الطعن: الطعن رقم ٢٢٢٨٢ لسنة ٨٨ قضائيةـ الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠٢١/٠٩/٢٧
رابط الطعن من محكمة النقض: https://www.cc.gov.eg/judgment_single?id=111717710&&ja=294242