جرائم الرشوه وكيف تصدي لها المشرع المصري
جرائم الرشوه وكيف تصدي لها المشرع المصري
جرائم الرشوه وكيف تصدي لها المشرع المصري
جرائم الرشوه وكيف تصدي لها المشرع المصري
كيف واجه القانون حيتان “الرشوة”؟.. المُشرع تصدى لـ”جرائم الرشوة” بعقوبة تصل لـ”المؤبد”.. خبراء يطالبون بإعادة النظر فى المادة “107” لاستغلال المرتشي لها.. ويكشفون ثغرات المرتشين للهروب من غياهب السجون
“الرشوة” إحدى الجرائم الأكثر خطورة وضررا بالمجتمعات، لأنها من الجرائم التى تمس نزاهة وشرف وظائف عامة وقيادية، كما أنها تعتبر من أكثر الجرائم المخلّة بالشرف والأمانة، فى الوقت الذى نجحت فيه أجهزة الدولة المختصة وعلى رأسها الرقابة الإدارية فى الحد من هذه الظاهرة داخل مؤسسات الدولة، للقضاء على الأضرار الفادحة التى تنعكس على أداء الأجهزة الإدارية بالدولة والمجتمع أيضا.
وجرائم الرشوة لها قرائن ودلائل واضحة على الإخلال بمبدأ العدل والمساواة، لاسيما أن “جرائم الرشوة” عادة ما ترتبط بجرائم مالية كبرى نتجت عن وقائع فساد إداري داخل مؤسسات الدولة، خصوصا الأجهزة المحلية، وغيرها من الأجهزة والمؤسسات، والرشوة فى القانون المصري لها تعريف خاص بها وأركان والفائدة من موضوع الرشوة، وسبب الرشوة، والقصد الجنائي، والعقوبة.
في التقرير التالي نلقى الضوء على جريمة الرشوة من الناحية القانونية والعقوبات المقررة لكل من الراشي والمرتشي، وأثار إعفاء الراشي والوسيط في قضايا الرشاوى وفقا للمادة “107” و”107″ مكرر ، حيث تعتبر الرشوة من الجرائم التي من الممكن أن يرتكبها الموظف العام ويقصد بالموظف العام كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناءً على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين.
أن الرشوة فى الأساس المقصود منها الموظف العام وهم العاملون في الدولة، ووحدات الإدارة المحلية، ورؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية وغيرها ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين، وكل من فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين، وذلك في حدود العمل المفوض فيه، ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالًا عامة.
جرائم الرشوه وكيف تصدي لها المشرع المصري
تعريف الرشوة وأطرافها
الرشوة هي كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدًا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشيًا وهو اتجار الموظف أو استغلاله لوظيفته على النحو المبين فى القانون، كما أن للرشوة أطراف يجب توافرهم كى تكتمل الجريمة وهم:
1-الراشي “صاحب المصلحة”.
2-المرتشي “الموظف العام”.
3-الرائش “الوسيط”.
4 –المستفيد.
وفى الحقيقة تتكون جريمة الرشوة في صورتها البسيطة من ثلاثة أركان هي الركن المفترض، وهو كون المرتشي موظفًا عامًا أو من في حكمه و مختص بالعمل، والركن الثاني هو الركن المادي المتمثل في الطلب أو القبول أو الأخذ بعطية أو مقابل أو وعد بهما، والركن المعنوي أو القصد الجنائي.
عقوبة الرشوة
عقوبة الرشوة حيث نصت “المادة ١٠٣”: على أن كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيرة أو قبل أو أخذ وعدًا أو عطية لأداء أعمال وظيفته يعد مرتشيًا ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به، وإعفاء الراشي والوسيط من العقاب فى حالة الاعتراف بوقائع الرشوة.
فيما نصت المادة ١٠٧ مكرر من قانون العقوبات، فهناك إعفاء وجوبى للراشى ووسيط الرشوة من العقاب فى حالة الاعتراف بوقائع الرشوة المنسوبة اليهم مع المتهمين بالرشوة ولم يحدد القانون أى شروط أو مرحلة تكون فيها الدعوى لهذا الاعتراف حتى ولو كان لأول مرة أمام محكمة النقض، كما تم تشريع تلك المادة من أجل أمرين، الأول أن يتم تطهير النظام الإدارى للدولة، والثاني تخويف الموظف العام من واقعة الفساد وترسيخ أن الراشي أو الوسيط
جرائم الرشوه وكيف تصدي لها المشرع المصري
ماذا إذا ابلغ المرتشي في جريمة الرشوة هل يعفى من العقاب؟
الإعفاء في القانون خاص بـ«الراشي والوسيط دون المرتشي»، ويعاقب ولكن إذا قام المرتشي بابلاغ السلطات يعاقب الراشي والوسيط ويكون المرتشي شاهد عليهم.
تصور الشروع في الرشوة
يوجد شروع في طلب الرشوة فقط ولا يتصور شروع في القبول والأخذ.
أثار إعفاء الراشي والوسيط في القضايا
أما عن أثار إعفاء الراشي والوسيط في قضايا الرشاوى وفقا للمادة “107” و”107″ مكرر جدلا في المجتمع، باعتبارها تشجع الراشي والوسيط على التمادي في جريمته، وكونها مدخلا لفساد الدولة والمواطنين، حيث شهدت الآونة الأخيرة حصول عدد من المتهمين في قضايا الرشوة على حكم بالبراءة وهو ما يدعو بشكل دائم من قبل خبراء القانون والمتخصصين لمطالبة المشرع بتعديل هذه المادة.
رأي خبراء ورجال القانون الذين اختلفت وجهات نظرهم حول هذه المادة ما بين الإبقاء عليها لأنها تساعد في كشف الكثير من المجرمين وما بين إلغائها خصوصًا أن إعفاء الراشي والوسيط من العقوبة طبقاً للمادة 107 و107 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية، يعتبر رخصة للمجرمين الجدد لارتكاب جرائمهم.
مادة الإعفاء تساعد في كشف شبكات الرشاوى
وعن أثار إعفاء الراشي والوسيط في قضايا الرشاوى وفقا للمادة “107” و”107″ مكرر، يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض أشرف سعيد فرحات، أن الراشي أو الوسيط الذي يقوم بالإبلاغ عن قضية الرشوة لا يأخذ براءة ولكنه يأخذ عفو من العقوبة، حيث أنه في الأصل إنسان آثم وارتكب جريمة ولكنه أسهم في الكشف عن باقي شركائه في ارتكاب الجريمة فيتم عفوه من العقوبة.
– هناك فرق بين البراءة والإعفاء من العقوبة، حيث أنه في قضايا الرشوة عموما تكون العلاقة بين الراشي والمرتشي مباشرة فمن الصعب على الرقابة الإدارية أن تكتشف هذه العلاقة أو تثبتها، فإذا تم معاقبة الراشي من الممكن أن ينكر خلال التحقيقات ولن يعترف بوقوع الجريمة، وبالتالي يظل الراشي يرتشي والمرتشي سوف يظل يقبل الرشاوى، فنقوم بإعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا قدم الدليل على صحة الجريمة ولكن بشرط أن تكون الأجهزة الرقابية لم تستطع الوصول إلى الجريمة بالدليل القاطع لديها، وإذا استطاعت الرقابة الإدارية إثبات الجريمة للراشي والوسيط والمرتشي بالصوت والصورة فيتم معاقبة الثلاث أشخاص جميعهم.
ومسألة الإعفاء من العقوبة هنا لا تقتصر على قضايا الرشوة فقط حيث أن تاجر المخدرات أيضا عند الإبلاغ عن تاجر المخدرات الأكبر يتم إعفائه من العقوبة، ويتم محاكمة التاجر الرئيسي، كذلك قي قضايا الإرهاب حينما يرشد الإرهابي عن زملائه وزعيمه يتم إعفائه من العقوبة، فهذا «العفو» يعد تشجيعا على كشف مزيد من الجرائم، أما إذا أردنا أن نلغي المادة كما يطالب العامة من الناس الذين لا يتصورون كيف أن مذنبا يتم العفو عنه سوف نصل لدرجة أننا لن نستطيع الكشف على آلاف الجرائم وسوف تنتشر الرشوة وتنتشر تجارة المخدرات وينتشر الإرهاب، فالصالح العام يقتضى إبقاء هذه المادة كما هي وتشجيع كل من ارتكب جريمة من هذه الجرائم على الاعتراف بها وتقديم الدليل على باقي شركاءه فيها حتى يستفيد من العقاب .
جرائم الرشوه وكيف تصدي لها المشرع المصري
ضرورة تعديل النص
حيث أكد أن المادة 107 مكرر تقول: “يعاقب الراشي والوسيط بعقوبة المرتشي ومع ذلك يعفى الراشي أو الوسيط إذا أخبر السلطات”، ونحن نطالب منذ فترة بتعديل النص ولكن المسئول بتعديل النص هم الجهة التشريعية، مضيفاَ نحن في الكثير من القضايا نحكم بإعفاء الراشي أو الوسيط ولكننا نناشد المشرع بتعديل النص لأنه من مصلحة الراشي أن يدفع لقضاء مصلحته إما عن طريق مباشر مع المرتشي أو عن طريق وسيط هل هذا منطق؟
المرتشى فى حالات نادرة جدا التى يطلب فيها الرشوة كما ورد فى تحقيقات العديد من القضايا حيث أنه يخشى من طلب الرشوة بينما الحل الوحيد للحد من تلك الظاهرة هى أن تلتزم الشرطة و النيابة والقضاء والمحكمة والرقابة بتطبيق القانون والكشف عن جرائم الفساد، حيث أنه فى الوقت الحالى هناك رشوة من نوع جديد وهي “الرشوة الجنسية”، بينما نطالب بتعديل نص المادة 107 مكرر في جملة “يعفى الراشي أو الوسيط إذا أخبر السلطات”، ويبقى النص الأصلي كما هو، كما أن عقوبة المرتشي في المادة 103 السجن المؤبد.
ثغرات المرتشين فى القانون
بينما هناك بعض الثغرات- يستغلها دفاع المرتشين للإفلات من العقوبة الملائمة لهم، لأن المادة 103 من قانون العقوبات نصت على: “أن يكون المرتشي موظفا عاما أو أن يدخل في طائفة معينة اعتبرها في حكم الموظفين العموم”، كما اشترطت لجريمة الرشوة أن يقبل الموظف الوعد بالعطية الذى صدر من الراشي.
والقانون أعطى الحق للقاضي أن يخفض العقوبة إلى الحد المسموح به طبقا لنص المادة 17 عقوبات إذا اقترنت الجريمة بأحد الظروف المخففة، حيث أن هناك وقائع رشوة عديدة ينجح المتهمون خلالها في الهروب من العقوبة القانونية، بسبب ثغرات قانونية، لا سيما أنها من القضايا التي تحتاج إلى العديد من الإثباتات والأدلة الواضحة التي لا تقبل الشك، نظراً لطبيعة الاتهام.
وهناك بعض المحامين الموكلين بالدفاع عن متهمين بقضايا الرشوة، يلجأون إلى البحث عن هذه الثغرات استنادا إلى قانون الإجراءات الجنائية الذى ينص على عدم السماح بتسجيل مكالمات بين المرتشي والراشي إلا عقب الحصول على إذن من القاضي، حيث يعد غياب هذا الشرط ثغرة للإفلات من العقوبة، حيث تكون قضايا الرشوة المقترنة بتسجيل مكالمات أو لقاءات بين الطرفين بدون إذن النيابة من القضايا التي لا يعتد بها .
جرائم الرشوه وكيف تصدي لها المشرع المصري
3 حالات لإعفاء الراشي والمرتشي من العقوبة
يشار إلى أنه بالنسبة لإعفاء الراشي والمرتشي هناك 3 حالات، حيث تتمثل الحالة الأولى فى الإبلاغ قبل وقوع الجريمة، أثناء وقوع الجريمة، بعد حدوث الجريمة، وهنا المادة 107 و106 والمواد بخصوص الرشوة تنص على أنه: “يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المكررة للمرتشي ولكنه يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أبلغ السلطات”.
والقانون يعاقب بالحبس و الغرامة لا تقل عن 500 جنية من عرض أو قبل الوساطة في الرشوة قبل أن تقع الجريمة طبقاً للمادة 109 مكرر ثانيا، وبحكم القانون يتم مصادرة ما يدفعه الراشي والوسيط وما حصل عليه المرتشي على سبيل الرشوة لصالح الدولة، حيث أنه إذا تم إلغاء هذه المادة لن يتم تشجيع المواطنين عن الإرشاد على الجريمة، لأن 90 % من قضايا الرشوة تتم عن طريق إبلاغ الوسيط أو الراشي.