جريمة عدم تقديم فاتورة
جريمة عدم تقديم فاتورة
جريمة عدم تقديم فاتورة
أوجب قانون حماية المستهلك رقم ۱۸۱ السنة ۲۰۱۸ على المورد أن يمنح المستهلك فاتورة ولم يعلق هذا الحق بناء على طلب المستهلك كما كان يستلزمه القانون الملغي وقد استجاب المشرع لانتقادات الفقه بهذا الشأن باعتبار أن تطلب طلب المستهلك للحصول على الفاتورة ينتقص من الحماية الجنائية للمستهلك فضلا عن أنه مسألة صعبة الإثبات فكثيراً ما يدعي المورد عدم طلب المستهلك الحصول على الفاتورة في سبيل التخلص من المسئولية الجنائية. وذلك بأن نصت على جريمة عدم تقديم فاتورة المادة ١٠ من قانون حماية المستهلك الجديد على أن ” يلتزم المورد بأن يسلم المستهلك فاتورة تثبت التعامل أو التعاقد معه على المنتج، متضمنة بصفة خاصة رقم تسجيله الضريبي، وتاريخ التعامل أو التعاقد، وثمن المنتج ومواصفاته، وطبيعته ونوعيته وكميته، وأي بيانات أخرى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، وتبين هذه اللائحة الأحوال التي يكتفى فيها ببيان أو أكثر مما ذكر”. وأردفت المادة ۱۱ من ذات القانون نصها على أنه ” إذا لم يسلم المورد الفاتورة على النحو المبين في المادة (۱۰) من هذا القانون يكون للمستهلك الحق في إثبات مواصفات المنتج وسائر عناصر التعاقد بكافة طرق الإثبات “. والمادة الأخيرة قد أراد منها المشرع حفظ حق المستهلك من الناحية المدنية.
جريمة عدم تقديم فاتورة
وقد عرفت المادة ۱/۱ من قانون حماية المستهلك بأنه ” كل شخص طبيعي أو اعتباري يقدم إليه أحد المنتجات لإشباع حاجاته غير المهنية أو غير الحرفية أو غير التجارية، أو يجري التعامل أو التعاقد معه بهذا الخصوص “.
وقد عرفت الفقرة الخامسة من ذات المادة المورد بأنه ” كل شخص يمارس نشاطا تجارياً أو صناعيا أو مهنياً أو حرفياً يقدم خدمة للمستهلك، أو ينتج سلعة أو يصنعها أو يستوردها أو يصدرها أو يبيعها أو يؤجرها أو يعرضها أو يتداولها أو يوزعها أو يسوقها، وذلك بهدف تقديمها إلى المستهلك، أو التعامل أو التعاقد معه عليها بأي طريقة من الطرق بما في ذلك الوسائل الالكترونية وغيرها من الوسائل التقنية الحديثة “.
وفي ذات النطاق عرفت المادة ٦ من اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك الملغى والسارية لحين صدور لائحة جديدة المستهلك بأنه ” كل شخص تقدم إليه أحد المنتجات لإشباع احتياجاته الشخصية أو العائلية أو يجري التعامل أو التعاقد معه بهذا الخصوص”.
أما الفاتورة فقد تولت تعريفها المادة 9 من ذات اللائحة بأنها ” أي مستند كاف بذاته لإثبات التعامل أو التعاقد مع المستهلك على المنتج، على أن يكون متضمنا البيانات التي يتطلبها القانون وهذه اللائحة”.
ونتولى بيان أركان جريمة عدم تقديم فاتورة ونتعرض للعقوبة المقررة ل جريمة عدم تقديم فاتورة
أركان جريمة عدم تقديم فاتورة
تعد جريمة عدم تقديم فاتورة من أكثر جرائم حماية المستهلك شيوعاً وانتشاراً من الناحية العملية، والتي يترتب عليها اهدار العديد من حقوق المستهلك وعلة تجريمها تتمثل في أنها تمنح المستهلك ضماناً، وهو الفاتورة التي يحصل عليها ويستطيع بموجبها استبدال السلعة أو استرجاعها دون تكلفة إضافية سواء لوجود عيب خلال مدة ثلاثين يوماً مع عدم الإخلال بأي ضمانات قانونية أو اتفاقية أفضل للمستهلك أو لعدم وجود عيب خلال أربعة عشر يوماً، فضلا عن أنها تمكن مصلحة الضرائب من معرفة حجم النشاط التجاري الحقيقي للمنشأة التجارية عن طريق معرفة الأرباح والخسائر. وتعد جريمة عدم تقديم فاتورة من جرائم ذوي الصفة الخاصة مما يجعل جريمة عدم تقديم فاتورة ركناً مفترضاً يتمثل في صفة المورد، لجريمة عدم تقديم فاتورة ركنان أحدهما مادي والآخر معنوي،
الركن المادي فى جريمة عدم تقديم فاتورة
ينهض الركن المادي لجريمة عدم تقديم فاتورة على الامتناع عن منح المستهلك هذه الفاتورة، وكان قانون حماية المستهلك الملغى يتطلب أن يطلب المستهلك الحصول على الفاتورة حتى تقع جريمة عدم تقديم فاتورة. وهو ما كانت تنصت عليه المادة ٥ من قانون حماية المستهلك – الملغى – من أنه ” يلتزم المورد بأن يقدم إلى المستهلك – بناء على طلبه – فاتورة تثبت التعامل أو التعاقد معه على المنتج، متضمنة بصفة خاصة تاريخ التعامل أو التعاقد وثمن المنتج ومواصفاته وطبيعته ونوعيته وكميته، وأية بيانات أخرى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
الامتناع عن تقديم الفاتورة للمستهلك فى جريمة عدم تقديم فاتورة :
الامتناع هو إحجام الجاني عن إتيان واجب فرضه القانون عليه. بيد أنه يلزم بطبيعة الحال أن يكون في استطاعة المورد أداء هذا الواجب، ويجب لتحقق جريمة عدم تقديم فاتورة امتناع المورد عن إعطاء المستهلك للفاتورة، وتطبيقا لذلك قضت محكمة جنح المنصورة الاقتصادية أن المشرع في النموذج الإجرامي لهذه الجريمة لم يعاقب الجاني على عدم إمساك دفاتر فواتير أو عدم الاحتفاظ بها في محل تجارته، إنما علق قيام جريمة عدم تقديم فاتورة على الامتناع عن تقديم فاتورة إلى المستهلك وكان ذلك بمناسبة التعامل أو التعاقد معه على المنتج بحيث إذا ما تخلفت عن الواقعة عملية البيع ومطالبة المستهلك بالفاتورة الناشئة عن تلك العملية استحال القول بقيام جريمة عدم تقديم فاتورة. وقضي كذلك أن عدم تقديم المتهم لفردي الحملة فاتورة بعد قيامهما بعملية شراء كاملة تتوافر معه جريمة عدم تقديم فاتورة. وقد قضت محكمة النقض بأنه لا تثريب على مأمور الضبط القضائي إذا ما قام بحملة تموينية سرية وطلب الحصول على سلعة ثم شراؤها وعدم منحه فاتورة إذ أنه بذلك يكون قد عن وقوع جريمة عدم تقديم فاتورة. وقد حدد المُشرع في قانون حماية المستهلك ولائحته التنفيذية شكل هذه الفاتورة والبيانات الواجب تدوينها بها والامتناع عن تقديم الفاتورة لا يقتصر على السلع فحسب، وإنما يشمل الخدمات أيضا كخدمة الاتصالات تكنولوجيا المعلومات وكي الملابس والتجميل وتصفيف الشعر والحياكة وأعمال الدهانات وغيرها.
البيانات الواجب توافرها في الفاتورة محل جريمة عدم تقديم فاتورة:
بينت المادة ١٠ من قانون حماية المستهلك رقم ۱۸۱ لسنة ۲۰۱٨ بعض البيانات الأساسية الواجب تدوينها في الفاتورة وهي رقم التسجيل الضريبي وتاريخ التعامل أو التعاقد وثمن المنتج ومواصفاته وطبيعته ونوعيته وكميته. وأحالت في بعض البيانات الأخرى على اللائحة التنفيذية كما نصت المادة ١٥ من اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك الملغي – والسارية حتى الآن لحين صدور لائحة تنفيذية جديدة – على أنه ” يلتزم المورد بأن يقدم إلى المستهلك – بناء على طلبه – فاتورة تثبت التعامل أو التعاقد معه على المنتج، دون تحميل المستهلك أية أعباء إضافية مالية كانت أو غير مالية، على أن تتضمن البيانات الآتية:
- اسم المورد واسم محله التجاري.
- تاريخ التعامل أو التعاقد على المنتج.
- ثمن المنتج.
- نوع المنتج وصفاته الجوهرية.
- حالة السلعة إذا ما كانت مستعملة.
- كمية المنتج من حيث العدد أو الوزن.
- ميعاد التسليم.
- توقيع أو ختم المورد أو من يمثله قانوناً.
ويصدر الوزير قراراً بقوائم المنتجات التي يكتفى فيها ببيان أو أكثر من البيانات المشار إليها.
وفي حالة البيع بالتقسيط يجب أن تتضمن الفاتورة البيانات الإضافية الآتية:
- إجمالي مبلغ التقسيط للمنتج.
- السعر الفعلي للفائدة السنوية وكيفية احتسابها.
- تاريخ بدء احتساب الفائدة.
- عدد الأقساط وقيمة كل قسط.
- مدة التقسيط.
- الجزاءات التي تفرض على المشتري في حالة التخلف عن دفع الأقساط أو التأخير في سدادها.
- حقوق والتزامات طرفي التعاقد المتعلقة بملكية المنتج والتصرف فيه أثناء فترة التقسيط.
- ما يفيد إطلاع المستهلك على تلك البيانات الإضافية وقبوله لها “.
ويثور التساؤل في حالة ما إذا منح المورد للمستهلك فاتورة، ولكنها غير مكتملة البيانات كما لو خلت من رقم التسجيل الضريبي للمورد أو ثمن المنتج أو مواصفاته أو غير ذلك من البيانات أو كانت مكتملة البيانات بيد أن ذلك بمقابل مادي إضافي، الواقع أننا نرى أن الجريمة تقع في هذه الحالة أيضاً بحسبان أن الغرض من تحرير الفاتورة وهو أن يكون مدون بها البيانات اللازم إثباتها حتى يمكن أن تؤتي أثرها دون أية تكلفة إضافية. وهذا الرأي هو ما سار عليه قضاء المحاكم الاقتصادية التي قررت إنه ” وردت شكوى من المجني عليها التي تتضرر من حانوت لعدم قيامه بإصدار فواتير لها إلا بعد دفع ٣٠% إضافية على السعر، فانتقل محرر المحضر إلى الحانوت، وبالدلوف إليه طلب شراء : مكواة، فطلب منه مبلغ مائة وخمسين جنيه، فطلب منه فاتورة ، فقرر له أن في هذه الحالة يضاف إلى السعر ١٠٠ %، فأفصح له محرر المحضر عن شخصيته ورد له المكواة. وتبعاً لذلك رد له الثمن، وبسؤاله أقر بارتكابه للواقعة. لما كان ما تقدم جميعه، وكانت المحكمة تطمئن إلى محضر جمع الاستدلالات، وإلى اعتراف المتهم الوارد به، الأمر الذي يستقر معه في يقين المحكمة ووجدانها اقتراف المتهم للجريمة بكافة أركانها، إذ أن مناط وقوع جريمة عدم تقديم فاتورة للمستهلك تثبت التعامل على المنتج تتحقق في عدة صور منها طلب المستهلك الحصول على فاتورة ورفض المورد ذلك أو قبوله منحه إياها بتكلفة إضافية، بحسبانه ملزم بتقديمها إليه بناء على طلبه دون ثمة تكلفة أو أعباء مالية أو غير مالية. لما كان ذلك، وكان المتهم قد علق منح محرر المحضر لفاتورة على شرط واقف، ألا تحمله أعباء مالية أخرى وهي ما يقع به الركن المادي لهذه الجريمة فضلا عن ركنها المعنوي وقوامه القصد الجنائي وقد توافر هذا الأخير بعلم المتهم أنه يحصل على تكلفة إضافية من المستهلك وإرادته ذلك مما يقطع باقتراف المتهم للجريمة المذكورة، الأمر الذي ترى معه المحكمة عقاب المتهم عملا بمواد الاتهام.
والواقع أن قضاء المحكمة الاقتصادية السالف سرده قد سبقته إليه محكمة النقض منذ القدم إذ قضت أن القانون قد أوجب على تجار الجملة ونصف الجملة أن يقدموا للمشتري فاتورة. وأن تكون هذه الفاتورة مستوفاة لبيانات حددها القانون. فكلا الأمرين – عدم تقديم الفاتورة أصلاً وعدم استيفائها البيانات التي يتطلبها القانون – إذا أعطيت مستوجب العقاب.
الركن المعنوي فى جريمة عدم تقديم فاتورة
جريمة عدم تقديم فاتورة بدورها من عداد الجرائم العمدية التي لابد لقيامها من توافر القصد الجنائي وإلا انتفت الجريمة برمتها، فلا يكفي لتحققها مجرد الإهمال ولو كان جسيماً ونبين بشيء من التفصيل القصد المتطلب في هذه الجريمة.
القصد الجنائي فى جريمة عدم تقديم فاتورة:
يجب القيام القصد الجنائي في جريمة عدم تقديم فاتورة علم الجاني بأنه مورد وهو أمر معلوم بالنسبة له بطبيعة الحال، وأن أحد المستهلكين قد اشترى منه سلعة أو خدمة تتجه إرادته إلى الإحجام عن منحه الفاتورة أو تقديمها له حال كونها ناقصة. البيانات التي يتطلبها القانون أو بمقابل. ولا عبرة بالبواعث على هذا الإحجام فقد يكون التهرب من الضرائب أو رغبته في عدم استبدال المنتج أو استرجاعه أو لعدم وجود فواتير لديه، فالباعث لا يؤثر على القصد الجنائي ولا ينفيه. ولا يجدي المتهم التذرع لنفي القصد الجنائي لديه بأنه لا يوجد لديه فواتير جاهرة وأنه بسبيله لطبع هذه الفواتير، إذ أنه يعلم أن وجود الفواتير المذكورة أمر يتطلبه البيع، فلا يجوز له أن يقوم ببيع السلعة أو الخدمة، فهو مكلف بأن يكون لديه قبل البيع الفواتير، أما وأن علمه يأتي واقعة البيع مع بعدم وجود الفواتير لديه فإنه يكون مرتكباً ل جريمة عدم تقديم فاتورة ويتوافر لديه القصد الجنائي بشأنها إذا توافر له باقي عناصره.
والقصد الجنائي المتطلب لقيام جريمة عدم تقديم فاتورة لا يعدو أن يكون محض القصد الجنائي العام المتطلب في سائر الجرائم العمدية، فلا يلزم لقيام جريمة عدم تقديم فاتورة توافر القصد الخاص، إذ أن نية الجاني لا تنصرف إلى شيء بخلاف عناصر الركن المادي.
عقوبة جريمة عدم تقديم فاتورة
فرضت المادة ٦٥ من قانون حماية المستهلك عقوبة – في حالة مخالفة المورد. للواجب المنوط به بتقديم فاتورة للمستهلك تثبت التعاقد أو التعامل معه على السلعة أو الخدمة المقررة المنصوص عليها في المادة ١٠ منه – وهي الغرامة. بيد أن المشرع شدد هذه العقوبة في حالة العود وهو ما نبينه بشئ من التفصيل.
1- عقوبة جريمة عدم تقديم فاتورة في صورتها البسيطة:
فرضت المادة ٦٥ من قانون حماية المستهلك عقوبة الغرامة كعقوبة أصلية، وهي ينبغي أن لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو مثلي قيمة المنتج محل جريمة عدم تقديم فاتورة أيهما أكبر في حالة عدم تقديم المورد فاتورة للمستهلك تثبت التعامل الذي تم.
وقد جمع المشرع هنا بين الغرامة المحددة والغرامة النسبية التي يتحدد مقدارها بالنظر إلى الضرر الناجم عن الجريمة أو الفائدة التي حصل عليها الجاني. وهي القاعدة العامة في مجال القوانين الخاصة بحماية المستهلك. وقد أحسن المشرع بفرضه لهذين النوعين من الغرامة باعتباره أدنى إلى تحقيق الردع هذا فضلا عن نشر الحكم في جريدة يومية والمواقع الالكترونية واسعة الانتشار وعلى الموقع الالكتروني لجهاز حماية المستهلك.
۲ – عقوبة جريمة عدم تقديم فاتورة في صورتها المشددة :
شدد المشرع عقوبة الغرامة سالفة البيان في حالة العود، وذلك بأن نصت المادة ٦٩ من قانون حماية المستهلك على أنه ” في حالة العود لأي من المخالفات المعاقب عليها في المواد السابقة من هذا القانون تضاعف عقوبة الغرامة بحديها ١ وهو ما مؤداه أن يصبح الحد الأدنى لعقوبة الغرامة ستين ألف جنيه ويكون الحد الأقصى لها لا يجاوز مليوني جنيه أو مثلي قيمة المنتج أيهما أكبر. هذا بالإضافة إلى النشر.