حكم قضاء اداري باعادة قيد طالب تم فصله تعسفيا
حكم قضاء اداري باعادة قيد طالب تم فصله تعسفيا
حكم قضاء اداري باعادة قيد طالب تم فصله تعسفيا
جلسة 27 من مايو سنة 2015
الطعن رقم 19764 لسنة 55 القضائية (عليا)
حكم قضاء اداري باعادة قيد طالب تم فصله تعسفيا
(الدائرة السادسة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد عبد الرحمن القفطي، وسمير يوسف الدسوقي البهي، وعاطف محمود أحمد خليل، ود. محمود سلامة خليل السيد
نواب رئيس مجلس الدولة
المبادئ المستخلصة:
(أ) دعوى– الصفة في الدعوى- بحث صفة الخصوم يسبق البحث في شكل الدعوى أو موضوعها, وتقضي فيه المحكمة من تلقاء ذاتها؛ لتعلقه بالنظام العام- يتعين لقبول الدعوى أن ترفع من ذي صفة, وأن تكون إقامتها كذلك على ذي صفة- لا صفة لوزير التعليم العالي في تمثيل الجامعات- صاحبُ الصفةِ في تمثيلِ الجامعة هو رئيسُها.
– المادتان (7) و(26) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972.
(ب) جامعات– شئون الطلاب- القيد وإعادة القيد- الاختصاص بقيد الطلاب وانتظامهم بالكلية ووقف القيد، ينعقدُ لمجلس الكلية- لا يوجد نص بِمَنْح سلطةٍ أخرى الاختصاص بسحب القرار الصادر بالقيد- مؤدى ذلك: اختصاص مجلس الكلية بسحب تلك القرارات- القرار الصادر عن رئيس الجامعة بسحب قرار مجلس الكلية بقيدِ طالبٍ قرار يخالف القانون- خلا قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية من نص ينظم حالة سحب ملف الطالب من الكلية، أو مسألة إعادة القيد وضوابطه- توصلا إلى العدالة التي ينشدها القاضي، ولما كان حق الإنسان في التعليم حقا دستوريا أصيلا، كما أن حق الطالب الذي اكتسب مركزًا قانونيًا بعد قبوله بالجامعة وقيده بها على نحو صحيح، لا يمكن للجامعة أن تتغول عليه أو تهدره, إلا من خلال نص قاطع في دلالته, يمنحها هذه الصلاحية؛ فلا مناص في هذه الحالة من إعمال القواعد العامة والأصول الكلية لخلو النص من حكم ينظم الواقعة، ولا مفر من القضاء بترك القديم على قدمه، فالأصل بقاء ما كان على ما كان- تطبيق: إذا كان الطالب مقيدا بالكلية، وقام ولي أمره بسحب ملفه، ولم يصدر قرار بشطب قيده من الكلية، ثم تقدم الطالب بطلب للعودة إلى الدراسة بعد فترة انقطاع طويلة، وأجابته الكلية لطلبه، ووافق مجلس الكلية على رفع الأمر لمجلس الجامعة؛ فإن قرار مجلس الكلية لا يخالف صحيح حكم القانون، ومن ثم لا يجوزُ للجامعةِ سحبُه أو إلغاؤه، بحسبانه قرارًا صحيحًا صادرًا عَمَّنْ يملكُ إصدارَه قانونًا، وأن سلطة الجامعة تقتصر فقط في هذا الشأن على إلغاء قرارات مجلس الكلية إذا كانت مخالفة للقوانين أو اللوائح أو القرارات التنظيمية المعمول بها في الجامعات.
– المادتان (24) و(41) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972.
– المادتان (64) و(69) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 809 لسنة 1975, والمعدَّلة بموجب القرار رقم 278 لسنة 1981.
(ج) قانون– إعمال القواعد العامة والأصول الكلية حال خلو النص من حكم ينظم الواقعة- من تلك القواعد: أنه لا مفر من القضاء بترك القديم على قدمه، فالأصل بقاء ما كان على ما كان، وليس هناك مسوغ يبرر التعدي على الحق الثابت الراسخ لمجرد مرور الوقت عليه، وإن استطال ذلك أمدًا بعيدًا، مادام المشرِّعُ لم يقرر نصًّا صريحًا باعتبار هذا الوقت مُغَيِّرًا للحقوق، ومن ثم فليس لجهة الإدارة أن تُخْرِجَ الحقوقَ من يد أصحابها إلا بحقٍّ ثابتٍ تستمده من صلب القانون.
(د) قرار إداري– سحب القرار الإداري- لا يجوز للجهة الإدارية سحب أو إلغاء القرار الإداري الصادر على وفق صحيح حكم القانون، وعَمَّنْ يملكُ إصدارَه- سلطتها تقتصر فقط في هذا الشأن على سحب أو إلغاء القرارات الإدارية إذا كانت مخالفة للقوانين أو اللوائح أو القرارات التنظيمية المعمول بها.
الإجراءات
في يوم السبت الموافق 16/5/2009 أودع الأستاذ/… المحامي أمام محكمتي النقض والإدارية العليا، بصفته وكيلا عن الطاعنة، قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 17/3/2009 في الدعوى رقم 8257 لسنة 19 ق، القاضي منطوقه برفض الدعوى موضوعًا، وإلزام المدعية المصروفات.
وطلبت الطاعنة في ختام تقرير الطعن -لِما ورد به من أسباب- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه, وقيد الطاعنة بالسنة الرابعة بكلية العلوم بجامعة سوهاج- قسم النبات، وتمكينها من الانتظام في الدراسة والتقدم لامتحان البكالوريوس، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن. وتدُووِلَ نظرُ الطعنِ أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات, حيث أرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
وحيث إن الطاعنة تطلب الحكم بطلباتها المبينة سالفًا.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 7/12/2005 أقامت الطاعنة دعواها الصادر فيها الحكم الطعين بموجب عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري, بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه برفض قبول إعادة قيد المدعية (الطاعنة)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقالت شرحًا للدعوى إنه في غضون شهر أغسطس 2004 تقدمت بطلب لعميد كلية العلوم بسوهاج لإعادة قيدها بالسنة الرابعة بقسم النبات، بعد تجميد قيدها بسبب سحب والدها ملفها من الكلية دون علمها ودون إرادتها في 2/10/1991، وقد وافق مجلس الكلية على طلبها, وتم رفع الأمر لمجلس الجامعة الذي رفض إعادة القيد بتاريخ 23/10/2004, ونعت المدعية (الطاعنة) على هذا القرار مخالفته للقانون، وخلصت في ختام عريضة دعواها إلى طلباتها المبينة سالفًا.
وتدُووِلَ نظرُ الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 17/3/2009 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعية المصروفات، على سند من حكم المادة (69) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975, وتعديلاتها, والتي تقضي بأنه يجوز لمجلس الكلية وقف قيد الطالب لمدة سنتين دراسيتين متتاليتين أو متفرقتين خلال سني الدراسة في الكلية إذا تقدم بعذر مقبول يمنعه من الانتظام في الدراسة، وفي حالة الضرورة يجوز لمجلس الجامعة زيادة مدة وقف القيد، وحيث إن والد الطاعنة قد تقدم بطلب لسحب ملفها من الكلية في 2/10/1991, ولم تتقدم الطاعنة بطلب إعادة قيدها إلا في 2004, ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صادف صحيح القانون، وخلصت المحكمة إلى حكمها الطعين.
………………………………………………….
وإذ لم يلقَ هذا القضاء قبولا من الطاعنة، فقد أقامت طعنها الماثل بطلباتها المبينة سالفًا, لأسباب حاصلها مخالفة القانون, والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك لأن مجلس الكلية هو المختص قانونًا بقيد الطلاب وإعادة قيدهم، وليس مجلس الجامعة.
………………………………………………….
وحيث إن البحث في صفة الخصوم يسبق البحث في شكل الدعوى أو موضوعها, وتقضي فيه المحكمة من تلقاء نفسها؛ بحسبان أنه يعد من الدفوع التي تتعلق بالنظام العام.
وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن الدعوى يتعين لقبولها أن ترفع من ذي صفة, وأن تكون إقامتها كذلك على ذي صفة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى؛ لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير التعليم العالي، فإن قانون تنظيم الجامعات الصادر به القرار الجمهوري بقانون رقم 49 لسنة 1972 ينص في المادة (7) منه على أن: “الجامعات هيئات عامة ذات طابع علمي وثقافي، ولكل منها شخصية اعتبارية، ولها أن تقبل ما يوجه إليها من تبرعات لا تتعارض مع الغرض الأصلي الذي أنشئت له الجامعة”.
وحيث إن المادة (26) من القانون نفسه تنص على أن: “يتولى رئيس الجامعة إدارة شئون الجامعة العلمية والإدارية والمالية, وهو الذي يمثلها أمام الهيئات الأخرى. وهو مسئول عن تنفيذ القوانين واللوائح الجامعية وقرارات مجلس الجامعة والمجلس الأعلى للجامعات في حدود هذه القوانين واللوائح…”.
وحيث إن الطاعنة طالبة بجامعة سوهاج, وقد صدر القرار المطعون فيه عن جامعة جنوب الوادي التي كان يتبعها فرع سوهاج قبل إنشاء جامعة سوهاج، وكانت جامعة سوهاج مختصة بالدعوى، ومن ثم يكون صاحب الصفة في الدعوى هو رئيس الجامعة بصفته دون غيره, وتكون الدعوى إذ وجهت إلى وزير التعليم العالي قد أقيمت على غير ذي صفة, ومن ثم يتعين إخراجه منها بلا مصروفات, مع الاكتفاء بذكر ذلك في الأسباب عوضًا عن المنطوق.
………………………………………………….
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن المادة (24) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 قد نصت على أنه: “لمجلس الجامعة أن يلغي القرارات الصادرة من مجالس الكليات أو المعاهد التابعة للجامعة, إذا كانت مخالفة للقوانين أو اللوائح أو القرارات التنظيمية المعمول بها في الجامعات”.
وتنص المادة (41) من القانون ذاته على أن: “يختص مجلس الكلية أو المعهد التابع للجامعة بالنظر في المسائل الآتية:
أولا- مسائل التخطيط والتنسيق والتنظيم والمتابعة: …
(11) تنظيم قبول الطلاب في الكلية أو المعهد, وتحديد أعدادهم. …”.
وتنص المادة (64) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975, وتعديلاتها, على أن: “يتمُّ قيدُ الطالب بالكلية بعد استيفاء أوراقه وأداء الرسوم المقررة, ويُعَدُّ في الكلية ملفٌ لكلِّ طالبٍ يحتوي على جميع الأوراق المتعلقة بالطالب, وعلى الأخص:
(1) الأوراق المقدمة لإجراء القيد.
(2) بيان أحوال الطالب الدراسية وتواريخها (القيد والامتحانات ونتائجها وتقديراتها).
(3) بيان العقوبات التأديبية الموَقَّعة عليه.
(4) أوجه النشاط الرياضي والاجتماعي والعسكري للطالب.
ويُعَدُّ سجلٌ خاص بكلِّ طالبٍ يُدَوَّنُ فيه بيانُ ما تضمنه ملفُه, فضلا عن تاريخ خروجه من الجامعة وسببه وعمله بعد التخرج، ويكون هذا السجل من صورتين, وتحفظ إحداهما في الكلية, والأخرى في الجامعة”.
وتنص المادة (69) من اللائحة نفسها على أنه: “يجب على الطالب متابعة الدروس, والاشتراك في التمرينات العملية أو قاعات البحث, وفقًا لأحكام اللائحة الداخلية.
ولمجلس الكلية, بناء على طلب مجالس الأقسام المختصة, طبقًا لأحكام اللائحة الداخلية, أن يحرم الطالب من التقدم إلى الامتحان كله أو بعضه, إذا رأى أن مواظبته غير مرضية, وفي هذه الحالة يعتبر الطالب راسبًا في المقررات التي حرم من التقدم للامتحان بها.
ويجوز لمجلس الكلية أن يوقف قيد الطالب لمدة سنتين دراسيتين متتاليتين أو متفرقتين خلال سني الدراسة في الكلية, إذا تقدم بعذر مقبول يمنعه من الانتظام في الدراسة, وفي حالة الضرورة يجوز لمجلس الجامعة زيادة مدة وقف القيد”.
وحيث إن المشرع الدستوري قد قرر أن “التعليم حقٌّ تكفله الدولة, وهو إلزامي في المرحلة الابتدائية, وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى, وتشرف على التعليم كله، وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج”, وكفالة الدستور لحق التعليم إنما جاء انطلاقًا من حقيقة أن التعليم يعد من أهم وظائف الدولة، وأكثرها خطرًا، وهو أداتها الرئيسة التي تنمي في النشء القيم الخلقية والتربوية والثقافية، وتعده لحياة أفضل يتوافق فيها مع بيئته ومقتضيات انتمائه إلى وطنه، كما أن التعليم العالي بجميع كلياته ومعاهده الحكومية والأهلية يشكل الركيزة الرئيسة لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل في مختلف مجالاته، فيتعين أن يرتبط في أهدافه وأسس تنظيمه بحاجات هذا المجتمع وإنتاجه، وهو ما تطلبته صراحة المادة (18) من الدستور المشار إليها، وأكدته المادتان الأولى من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 49 لسنة 1972، والثانية من القانون رقم 101 لسنة 1992 بشأن إنشاء الجامعات الخاصة. (حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 283 لسنة 25ق “دستورية” بجلسة 3/2/2008).
وحيث إن الاختصاص بقيد الطلاب ينعقد لمجلس الكلية, ولا يوجد نص بمنح سلطة أخرى الاختصاص بسحب القرار الصادر بالقيد، ومؤدى ذلك اختصاص مجلس الكلية بسحب تلك القرارات، وأن صدور القرار الساحب عن رئيس الجامعة ينطوي على مخالفة القانون. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3343 لسنة 36ق.ع بجلسة 13/2/1993، مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 38 مكتب فني- الجزء الأول- المبدأ رقم 69 ص662).
وحيث إن البين من النصوص القانونية المبينة سالفًا، أن المشرع قد وسد إلى مجلس الكلية -دون غيره- الاختصاص بتنظيم قيد الطلاب وانتظامهم بالكلية ووقف القيد، بيد أنه بمطالعة قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية, يتضح أنه قد خلا من نص ينظم حالة سحب الطالب لملفه من الكلية، كما لم ينظم مسألة إعادة القيد وضوابطه، وتوصلا إلى العدالة التي ينشدها القاضي قِبل الخصوم، وإذ كان حق الإنسان في التعليم هو حق دستوري أصيل, لم يسمح المشرع بالمساس به, أو الانتقاص منه، كما أن حق الطالب الذي اكتسب مركزًا قانونيًا بعد قبوله بالجامعة وقيده بها على نحو صحيح، لا يمكن للجامعة أن تتغول عليه أو تهدره, إلا من خلال نص قاطع في دلالته, يمنحها هذه الصلاحية؛ فلا مناص في هذه الحالة من إعمال القواعد العامة والأصول الكلية -لخلو النص من حكم ينظم الواقعة-، ولا مفر من القضاء بترك القديم على قدمه، فالأصل بقاء ما كان على ما كان، وليس هناك مسوغ يبرر التعدي على الحق الثابت الراسخ لمجرد مرور الوقت عليه، وإن استطال ذلك أمدًا بعيدًا، مادام المشرع لم يقرر نصًا صريحًا باعتبار هذا الوقت مغيرًا للحقوق، ومن ثم فليس لجهة الإدارة أن تخرج الحقوق من يد أصحابها إلا بحق ثابت تستمده من صلب القانون.
متى كان ذلك كذلك، وكان الثابت بالأوراق، ومن خلال حافظة مستندات جامعة جنوب الوادي- فرع سوهاج, المقدمة بجلسة 4/7/2005 أمام محكمة أول درجة, أن الطاعنة حاصلة على شهادة الثانوية المعادلة من المملكة العربية السعودية عام 1985، وكانت مقيدة بالفرقة الأولى بكلية العلوم- شعبة البيولوجي بالعام الجامعي 1985/1986، ثم بالفرقة الثانية مستجدة بالعام الجامعي 1986/1987، ثم باقية للإعادة بالفرقة الثانية بالعام الجامعي 1987/1988، ثم بالفرقة الثالثة مستجدة بالعام الجامعي 1988/1989، ثم باقية للإعادة بالفرقة الثالثة بالعام الجامعي 1989/1990، ثم بالفرقة الرابعة مستجدة بالعام الجامعي 1990/1991، ولم تتقدم لأداء الامتحان في دور مايو 1991, وكانت ضمن طلاب راسبين ولهم حق دخول دور سبتمبر 1991، كما أن الثابت من المستندات المقدمة من الطاعنة أمام محكمة أول درجة أنه بتاريخ 2/10/1991 تقدم والدها إلى الكلية دون توكيل منها, ورغم تجاوز الطاعنة سن الواحدة والعشرين، بطلب لسحب ملفها، فوافق عميد الكلية، ثم تقدمت الطاعنة في 19/11/1991 بشكوى إلى النيابة العامة ضد كلٍّ من والدها, ومدير شئون الطلاب بكلية العلوم, لسحب ملفها من الكلية دون علمها أو رضاها, ووجود خلافات مع والدها، ثم قامت بتقديم طلبٍ إلى الكلية بإعادة قيدها في عام 2003, ورفضته الجامعة، ثم عادت وتقدمت بطلبٍ إلى الكلية في عام 2004، والثابت من حافظة المستندات المقدمة من الطاعنة, التي حوت كتابًا صادرًا عن كلية العلوم قسم النبات بجامعة جنوب الوادي, أن هذا الكتاب تضمن أنه قد صدر قرار مجلس الكلية بإعادة قيد الطاعنة بالدراسة بعد تجميدها، وجارٍ إجراءات قيدها بالكلية في العام الجامعي 2004/2005 واتخاذ اللازم، وقامت الكلية بعرض الموضوع على مجلس الجامعة, إلا أن الأخير قد رفض بتاريخ 23/10/2004 إعادة قيد الطاعنة؛ لكونها لم تتقدم بعذر خلال الفترة السابقة.
لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة كانت مقيدة بالجامعة المطعون ضدها، وخلت الأوراق مما يفيد صدور قرار بشطب قيدها من الكلية، وقد تقدمت الطاعنة إلى الكلية في عام 2004 بطلب لعودتها للدراسة بعد فترة انقطاع دامت قرابة 13 عامًا، وأجابتها الكلية لطلبها ووافق مجلس الكلية على رفع الأمر لمجلس الجامعة، ولما كان قرار مجلس الكلية لا يخالف صحيح حكم القانون، فمن ثم فإنه لا يجوزُ للجامعةِ سحبُه أو إلغاؤه، بحسبانه قرارًا صحيحًا صادرًا عَمَّنْ يملكُ إصدارَه قانونًا، وأن سلطة الجامعة تقتصر فقط -في هذا الشأن- على إلغاء قرارات مجلس الكلية إذا كانت مخالفة للقوانين أو اللوائح أو القرارات التنظيمية المعمول بها في الجامعات، ومن ثم يغدو القرار المطعون فيه قد صدر مفتقدًا لسند صحيح من الواقع أو القانون, وهو ما يستوجب القضاء بإلغائه.
وحيث إنه -وهديًا بما تقدم جميعه- تقضي المحكمة بإلغاء الحكم الطعين، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه, فيما تضمنه من سحب قرار إعادة قيد الطاعنة بكلية العلوم- قسم النبات بجامعة سوهاج، مع ما يترتب على ذلك من آثار, أخصها إعادة قيدها بالفرقة الرابعة بالكلية المشار إليها، وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان عملا بحكم المادة (286) من قانون المرافعات لتوفر موجباته.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم المصروفات عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وألزمت الجامعة المطعون ضدها المصروفات.