المنصه الاولي للاستشارات القانونيه في مصر في كافة التخصصات القانونيه

عقدي الرهن الرسمي والحيازي

عقدي الرهن الرسمي والحيازي

0 504

عقدي الرهن الرسمي والحيازي

لا يخفى على أحد أن العقار يعد أهم محرك لعجلة الإقتصاد، خاصة وأنه نتيجة التطورات الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية التي لا تحتاج إلى بيان ازدادت قيمته المالية بشكل كبير وبالنتيجة ازدادت رغبة الإنسان في تملكه لإنجاز مشاريعهم . وبما أن الأبناك او بالأحرى مؤسسات الإئتمان تعد أهم جهة توفر السيولة الكافية لهم -أي الأفراد- فإنها لا تعمد إلى منح القروض إلا بعد الإتيان بضمانات خاصة العينية منها ،حيث أنها من شأنها أن تجعل البنك في مأمن من كل المخاطر التي قد تنجم عن عدم إسترداد المبلغ الممنوح. ونتيجة لهذا ، فقد استحدث المشرع العقاري المغربي قانون من شأنه أن يشجع الأبناك أكثر على منح الإئتمان لكون هذا الأخير عصب الحياة الإقتصادية ، ويتعلق الأمر أساسا بالقانون رقم المتعلق بمدونة الحقوق العينية الذي نظم بمقتضى القسم الثاني منه كل من الرهن الرسمي وكذا الحيازي باعتبارهما حقوقا عينية تبعية ترد على العقار ،وباعتبارهما الوسائل القانونية التي تتيح للدائنين إستيفاء حقوقهم نظرا لمجمل الحقوق التي يتمتعان بها في هذا الإطار. وحتى يتم إنشاء هذين العقدين يجب أن تتوافر مجموعة من الشروط التي لا يكاد أي عقد يخلو منها، لتترب عنهما اثار تختلف باختلاف نوع العقد. وفي هذا السياق لنا أن نتساءل عن عن شروط كل من عقد الرهن الرسمي و الرهن الحيازي؟ وكذا عن اثارهما؟. للإجابة عن هذه التساؤلات ارتأينا تقسيم العرض وفق التصميم الاتي:
المبحث الأول : إنشاء الرهن و آثاره.
المبحث الثاني:إنشاء الرهن الحيازي و آثاره.
المبحث الأول: إنشاء الرهن الرسمي و آثاره
باعتبار الرهن الرسمي عقد مثل باقي العقود، فإنه ينبغي أن تتوافر فيه مجموعة من الضوابط الجوهرية والشكلية التي لا يكاد أي عقد رهن يخلو منها، حتى تترتب عنه آثار حسب ما إذا ما تعلق الأمر بالمتعاقدين أو الأغيار. و في إطار حديثنا عن ضوابط إنشاء الرهن سنتطرق فقط للبعض منها تفاديا للإطناب الذي قد ينجر عن الإستدلال. لذا، سنتناول هذا المبحث وفق التصميم الآتي: المطلب الأول: إنشاء الرهن الرسمي.
المطلب الثاني: آثار الرهن الرسمي
المطلب الأول: إنشاء الرهن الرسمي
نص المشرع بموجب المادة من مدونة الحقوق العينية على أنه :”ينعقد الرهن الاتفاقي كتابة برضى الطرفين ولا يكون صحيحا إلا إذا قيد بالرسم العقاري”. انطلاقا من مضمون هذا الفصل يتبين لنا أن هذا العقد من العقود الشكلية التي يجب أن تنصب في قالب محدد من قبيل إيراده في شكل كتابي و أن يتم تقييده بالرسم العقاري، وهذا بالإضافة إلى شروط أخرى موضوعية سيتم تناولها وفق الشكل الآتي:
الفقرة الأولى: الشروط الشكلية للرهن الرسمي.
الفقرة الثانية: الشروط الموضوعية للرهن الرسمي.
الفقرة الأولى: الشروط الشكلية للرهن الرسمي
لقد نصت المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية أنه يجب إيراد جميع التصرفات المتعلقة بالملكية العقارية أو إنشاء الحقوق العينية أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها، وكذا الوكالات الخاصة بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض. وبما أن الرهن حق عيني تبعي ينشأ على العقار، فإنه يجب أن يرد بمحرر رسمي تحت طائلة البطلان، لكن بإيراد المشرع لعبارة “كتابة” في الفصل من نفس القانون دون تحديد نوعها هل عرفية أم رسمية يجعلنا نتساءل حول الشكل الذي ينبغي أن ينصب فيه عقد الرهن الرسمي؟ بمقتضى التعديل الذي لحق المادة، فقد أضاف المشرع فقرة اتى فيها انه “لا تسري أحكام المادة أعلاه على إنشاء أو نقل أو تعديل أو إسقاط الرهن الاتفاقي المقرر لضمان أداء دين لا تتجاوز قيمته المبلغ المالي المحدد بنص تنظيمي”، مما يمكن أن نفهم معه أن الرهون الرسمية مستثناة من المادة الرابعة وبهذا فلا يرد هذا العقد وجوبا في محرر رسمي إن لم يتم تجاوز المبلغ المحدد بنص تنظيمي. وفي سياق الحديث فقد صدر قرار مشترك لوزير الفلاحة والصيد البحري ووزير العدل والحريات ووزير الاقتصاد والمالية بتحديد المبلغ المالي للدين موضوع الرهن الاتفاقي والمستثنى من أحكام وبالتالي فالرهون الرسمية الإتفاقية التي لم تتجاوز هذا المبلغ يمن إيرادها في محرر عرفي أو رسمي. وبالزيادة على هذا فقد صدرت مذكرة عن المحافظ العام في شأن تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من المادة المتعلق بمدونة الحقوق العينية، حيث حث فيها السادة المحافظين العقاريين التقيد بما ورد في هذه الأخيرة ولعل أن من شأن هذا التنصيص يخفف العبء على الفلاحين أو المزارعين البسطاء حيث لن يتم إرهاقهم بضرورة اللجوء إلى الموثقين واداء أتعاب تفوق في العددي من الحالات مبلغ الدين المضمون. وبالإضافة إلى شرط الكتابة، يجب على الدائن المرتهن أن يقوم بتقييد الرهن بالرسم العقاري حتى يتسنى له حفظ حقوقه. قد استعمل صيغة الوجوب والإلزام حيث جاء فيه أنه :”يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري جميع الوقائع والتصرفات والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض، وجميع المحاضر والأوامر المتعلقة بالحجز العقاري، وجميع الأحكام التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به، متى كان ما ذكر تأسيس حق عيني عقاري أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه…”. ولعل أن الفائدة التي يمكن أن يجنيها المعني بالتقييد تكمن في الإحتجاج على الأغيار، لكون أن عدم التقييد بالرسم العقاري لا يخول له مواجهة الأغيار بما تم التعاقد بشأنه، إذ يبقى أثار هذا الأخير سارية بين المتعاقدين فقط دون غيرهم. وما يجب الانتباه إليه في هذا الصدد هو أن المشرع استعمل مصطلح “القيد بالرسم العقاري”، وهو الأمر الذي يمكن أن يحملنا إلى الاعتقاد بأن الرهون الرسمية ترد على العقار المحفظ دون غيره، أي العقار في طور التحفيظ. لكن هذا الطرح سرعان ما يأفل نجمه خصوصا إذا ما رجعنا إلى المادة من مدونة الحقوق العينية التي تقضي بأن هذا النوع من الرهون يمكن إيراده على العقار المحفظ والذي في طور التحفيظ. وبهذا يمكننا القول بأنه كان الأجدر أن يستعمل المشرع عبارة “القيد أو الإيداع بالسجل العقاري” بدلا من عبارة “القيد بالرسم العقاري”، لكون أن مؤسسة الإيداع تخص العقار في طور التحفيظ، أما مؤسسة التقييد فهي خاصة بالعقار المحفظ فقط، ليكون منسجما مع المقتضيات القانونية الأخرى الواردة في نفس القانون.
الفقرة الثانية: الشروط الموضوعية للرهن الرسمي
تتوقف صحة عقد الرهن الرسمي على تحقق الأركان العامة اللازمة لصحة التصرفات القانونية الواردة في الفصل الثاني من قانون الالتزامات والعقود من تراض ومحل وسبب وأهلية وكذا شروط موضوعية خاصة واردة بمدونة الحقوق العينية وهذه الأخيرة هي التي سنتحدث بموجب هذه الفقرة. وكذا، فقد بينت المادة من مدونة الحقوق العينية الشروط الجوهرية التي يجب توفرها في عقد الرهن الرسمي تحت طائلة اعتباره غير صحيح، حيث جاء فيها مايلي :”يجب لصحة عقد الرهن الرسمي أن يتضمن مايلي: – هوية أطراف العقد؛ – تعيين الملك المرهون ببيان اسمه وموقعه ومساحته ومشتملاته ورقم رسمه العقاري أو مطلب تحفيظه؛ – بيان مبلغ الدين المضمون بالرهن والمدة المحددة لأدائه”. فانطلاقا من مضمون المادة المذكورة يتبين أنه من بين العناصر التي تحكم وجود صحة الرهن والتي هي من صميم عقد الرهن الرسمي هوية أطراف العقد، وتخصيص الملك المرهون وتخصيص الدين المضمون بالرهن. بخصوص هوية الأطراف أي الدائن المرتهن والمدين الراهن، يجب أن تضمن وجوبا في صلب العقد حتى يتسنى معرفة أصحاب الصفة والمصلحة في مواجهة الأغيار عند إثارة كل منازعة. أما بالنسبة للعنصر الثاني والمتعلق بتخصيص العقار المرهون، فيقصد منه تحديد الأموال التي يشملها الرهن الرسمي وتتجلى أهمية هذا التحديد من الناحية العملية في معرفة حدود الرهن المخولة للدائن المرتهن وبذلك يشتمل العقار المرهون وملحقاته وكل ما سيحدث فيه من إنشاءات وتحسينات بعد العقد أو يضم إليه بالالتصاق حيث أن كل من العقارات بالتخصيص والثمار تلحق وجوبا العقار المرهون لكونها من الملحقات. بالإضافة إلى تخصيص الرهن الرسمي من حيث العقار موضوع الرهن، فإنه يجب أن يتم تخصيص الدين المضمون، حيث يتم تبيان مبلغه والمدة المحددة لأدائه، ومصدره والفوائد التي تسري على المدين الراهن في حالة تقاعسه عن أداء أقساط الدين. وباستجماع عقد الرهن الرسمي للشروط الجوهرية والشكلية المبنية أعلاه، تترتب آثار سواء بين المتعاقدين أو في مواجهة الأغيار، وهذا ما سنتناوله بمقتضى المطلب الموالي من هذا العرض.
المطلب الثاني: آثار عقد الرهن الرسمي
بمجرد استجماع عقد الرهن الرسمي للشروط الشكلية والموضوعية تترتب عنه آثار كسائر العقود بحسب إذا ما تعلق الأمر بأطراف العقد أي المدين الراهن والمدين المرتهن، أو تعلق الأمر بالأغيار. وعليه سنتحدث في هذا المطلب عن كل من آثار عقد الرهن الرسمي بالنسبة للمتعاقدين والأغيار وفق التصميم الآتي:
الفقرة الأولى: آثار عقد الرهن الرسمي بالنسبة للمتعاقدين
إن عقد الرهن الرسمي يرتب إلتزامات وحقوق للمتعاقدين، حيث أن المدين الراهن، ملزم بضمان الملك المرهون و مسؤولا عن سلامته كاملا حتى الوفاء بالدين وبهذا يجب أن لا يقوم بتصرفات قد تحدث ضررا للدائن المرتهن،وفي هذا الصدد قضت محمكمة الإستئناف بمراكش بأن التفويت لا يشكل ضررا بالنسبة للدائن المرتهن خاصة وأنه حتى ينفذ العقد يجب تصفيته من مجموع التحملات الواردة عليه . في حين أن الالتزام الوحيد الملقى على عاتق الدائن المرتهن هو ضرورة وضع مبلغ الدين في الحساب البنكي الخاص بالمدين الراهن بمجرد تقييد أو إيداع الرهن في السجلات العقارية. أما بالنسبة للحقوق التي يتمتع بها الدائن المرتهن تتجلى أساسا في حق تتبع العقار في أي يد شخص انتقلت إليه ملكية العقار المرهون، حيث نصت المادة على أنه :”للدائن المرتهن رهنا رسميا حق تتبع الملك المرهون في أي حائز له لاستيفاء دينه عند حلول أجل الوفاء به”، وكذا حق الأفضلية لكون أن الرهن الرسمي يخول للدائن المرتهن استيفاء حقه من ثمن العقار المرهون بالتقدم قبل أي دائن سواء كان عاديا أو مرتهنا حيث جاء في المادة من نفس القانون المشار إليه أنه :”يستوفي الدائن المرتهن دينه من ثمن الملك حسب رتبة تقييده في الرسم العقاري، وذلك بالأولوية على باقي الدائنين المرتهنين التالين له في المرتبة وكذا على الدائنين العاديين”، هذا بالإضافة إلى الحق في استيفاء مبلغ الدين ببيع العقار المرهون خاصة في حالة عدم دفع المدين الراهن للدين عند حلول الأجل، وبهذا نصت المادة على مايلي :”للمرتهن أن يستوفي دينه من ثمن الملك المرهون بعد بيعه وفقا للإجراءات المنصوص عليها في القانون وذلك حسب مرتبته”. وتبقى هذه الحقوق في نظرنا غير مفعلة في الواقع العملي لكون المنازعات بهذا الخصوص شبه معدومة وغير مثارة خصوصا إذا علمنا أن الأبناك يدرجون في عقد الرهن الرسمي عبارات تقيد من سلطة المدين في التصرف بحرية في عقاره، حيث يمنع من تفويت العقار المرهون أو كراءه أو إيقاع أي رهن آخر إلا بعد أخذ الإذن من البنك مانح القرض. عموما، تتجلى الحقوق التي يتمتع بها المدين الراهن في كون الملك يبقى بين يديه وله أن يستعمله ويستغله ويتصرف فيه شريطة عدم الإضرار بالدائن المرتهن وفق ما جاء في المادة حيث نصت على أنه :”يبقى الملك المرهون تحت يد الراهن يستعمله ويستغله ويتصرف فيه دون المساس بحقوق الدائن المرتهن”، ولعل أنه من الأعمال التي من شأنها الإضرار بالدائن المرتهن إكراء الملك المرهون بثمن زهيد، حيث يمكن أن يكون هذا التصرف أن ينقص من قيمة العقار، أو القيام بهدم أجزاء ملحقة بالعقار ببقائها تزيد قيمة موضوع الرهن، هذا بالزيادة إلى “حق إدارة الملك المرهون والحصول على غلته إلى أن يباع عليه، في حالة عدم وفاء الدين
الفقرة الثانية: آثار عقد الرهن بالنسبة للغير
يعتبر غيرا كل من سوى الدائن المرتهن والمدين الراهن له حق عيني على العقار المرهون والذي قد يتضرر من عقد الرهن الرسمي فلهذا الغير الحائز الذي لا تربطه أي علاقة بالدائن المرتهن أن يحل محل المدين في أداء الدين وتوابعه وبذلك يكون مستفيدا من الآجال المخولة للمدين الأصلي، كما أن له قبل حلول أجل الوفاء أن يقوم بتطهير الملك المرهون من الحق العيني التبعي المترتب عليه والمتمثل في الرهن الرسمي، حيث يكون ملتزما ومتمتعا بنفس الحقوق التي كانت للمدين الراهن تجاه الدائن المرتهن وحتى لا يتأثر الغير الحائز ويتضرر من آثار عقد الرهن يمكن له أن يتعرض على بيع الملك المرهون الذي بيده إذا ما كانت للمدين أملاك أخرى يمكن يؤدي من خلالها الدين المرتب في ذمته. عموما، فعدم قيام المدين الراهن بأداء الدين يجعل الغير الحائز أمام خيارين لا ثالث لهما فإما ان يفي بالالتزام الواقع على كاهل المدين وإما أن يتخلى عن العقار المرهون في حالة عدم الوفاء، وبذلك يرفع يده على الشيء المحوز حتى يباشر الدائن المرتهن إجراءات نزع الملكية بعد إتباع الإجراءات المسطرية المقررة في الباب المتعلق بالحجز والبيع الجبري للعقارات من مدونة الحقوق العينية. وفي الأخير تجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن عقد الرهن الرسمي قد ينقضي بتحقق الحالات المنصوص عليها في المادة من مدونة الحقوق العينية التي نصت على أنه :”ينقضي الرهن في الحالات الآتية: – بالوفاء بالدين؛ – برفع يد الدائن المرتهن عن الرهن؛ – بهلاك الملك المرهون هلاكا كليا باتحاد الذمة”.
المبحث الثاني: إنشاء الرهن الحيازي وآثاره
لقد خص المشرع الرهن الحيازي باعتباره حق عيني تبعي بتنظيم قانوني مزدوج، حيث أنه منظم بمقتضى قانون الالتزامات والعقود، كما أنه منظم أيضا بمقتضى كما تم تتميمه والمتعلق بمدونة الحقوق العينية، مما يمكننا القول معه بان تنظيم المشرع هذا النوع من الحقوق بموجب هذا الأخير يكون قد سعى إلى تحديده بصفة دقيقة حينما ينصب على العقار دون المنقول. على كل، ففي إطار حديثنا عن الرهن الحيازي المنصب على العقار، ارتأينا تقسيم هذا المبحث وفق التصميم الآتي:
المطلب الأول: إنشاء الرهن الحيازي
يعتبر عقد الرهن الحيازي كباقي العقود، حيث يجب أن يتضمن على أركان عامة لا يكاد يخلو منها أي عقد، وكذا شروط خاصة حتى ينعقد بكيفية صحيحة وسليمة. وعليه، سنتناول هذا المطلب وفق الشكل الآتي:
الفقرة الأولى: الشروط العامة لإنشاء الرهن الحيازي
تتحدد الشروط العامة الواجب توافرها في هذا النوع من العقود في ضرورة حصول تراضي المتعاقدين المتمتعين بالأهلية ،ووجود محل وسبب متوفرين على شروط صحتهما . والتراضي يتم بين الأطراف المتعاقدة في عقد الرهن الحيازي بصدور إيجاب ومجابهته بقبول واقترانهما باستعمال تعابير خالية من الشوائب والقوادح بكيفية صريحة . أما بخصوص الأهلية فيجب على المدين الراهن أن يتوفر على أهلية الأداء، حيث أنه بالرجوع إلى الفصل من قانون الالتزامات والعقود نجده ينص على أنه :”لإنشاء الرهن الحيازي يلزم توفر أهلية التصرف بعوض في الشيء المرهون”، في حين أن المشرع نجده نص على نفس المقتضى بموجب المادة من مدونة الحقوق العينية حيث جاء فيها أنه :”يجب أن يكون الراهن مالكا للمرهون وأهلا للتصرف فيه”، لكن بملاحظة هذه النصوص نجدها تتحدث عن أهلية المدين الراهن فقط دون الدائن المرتهن، أيمكن القول أن في هذا الإغفال تعبير ضمني على ضرورة توفر الدائن المرتهن على نفس الأهلية التي ينبغي توفرها في المدين؟ دون شحذ للذهن ودون عناء وتكليف، يمكننا القول بأن المشرع حينما تحدث فقط عن أهلية المدين افترض أن الدائن المرتهن متوفر على الأهلية، إذ كيف يمكن لشخص إنشاء علاقة دائنية دون توفره على أهلية الأداء؟ والجدير بالذكر، أن المشرع العقاري جوز إمكانية أن يكون الراهن هو المدين نفسه أو أن يكون كفيلا عينيا شريطة توفره على الأهلية المطلوبة قانونا. أما بخصوص محل الرهن الحيازي فهو الشيء الذي ينصب عليه الضمان الذي يعطيه الراهن، ويشترط فيه أن يكون قابلا للتداول. وأن يكون قابلا للتسليم على اعتبار أن طبيعة هذا العقد تقوم أساسا على نقل الحيازة لصالح الدائن المرتهن، وأن يكون معينا تعينا نافيا للجهالة وموجود لدى الراهن حيث أنه لا يمكن رهن الأشياء التي يمكن الحصول عليها في المستقبل . وقد يثار تساؤل في هذا الإطار حول إمكانية وقوع الرهن الحيازي على الجزء أو النصيب المشاع وذهب أحد الفقه إلى أنه مادام أنه يمكن التصرف في الحصة المشاعة بالبيع فإن أمر رهنه رهنا حيازيا يكون جائزا، وقد جاء في منطوق المادة من القانون المتعلق بمدونة الحقوق العينية التي جاء فيها “إن الرهن الذي يبرمه جميع الشركاء في ملك مشاع يحتفظ بأثره على كافة الملك كيفما كانت نتيجة القسمة. إذا رهن أحد الشركاء حصته المشاعة فإن حق الدائن المرتهن ينتقل إلى الجزء المفرز الذي آل إلى الشريك بعد القسمة، وإلى المدرك الذي حصل عليه الشريك لتعديل حصته، وذلك إذا صادق الدائن المرتهن على عقد القسمة أو كان طرف في الدعوى المتعلقة بها”. أما بالنسبة للسبب في عقد الرهن الحيازي، يجب أن يكون موجودا أو قابلا للوجود وأن مشروعا غير مخالف للنظام العام والآداب الحميدة ومعينا وغن كان معلقا على شرط فاسخ أو واقف.
الفقرة الثانية: الشروط الخاصة لإنشاء الرهن الحيازي
لقد نصت المادة من مدونة الحقوق العينية على أنه :”يشترط لصحة الرهن الحيازي أن يبرم في محرر رسمي وأن يكون لمدة معينة. يجب أن يتضمن العقد معاينة حوز الملك المرهون إذا كان غير محفظ وذلك تحت طائلة البطلان”. انطلاقا من مضمون هذه المادة يتبين لنا أنه لصحة عقد الرهن الحيازي يشترط أن يصاغ في محرر رسمي، حيث أن محرر تراضي الطرفين غير كاف وبه استوجب المشرع ضرورة كتابته ممن له الصلاحية في تحرير الرسوم الرسمية من العدول أو الموثقين. ولعل أن العلة من التنصيص على هذا المقتضى هي الحيلولة دون تقديم تاريخ الرهن ولذلك يمنع المدين من مفاجئة دائنيه برهن يزعم أنه عقده منذ أمد بعيد، مع أنه قد عقده في الواقع وهو على هاوية الإعسار، ولهذا أوجب المشرع كتابة هذا النوع من العقود بموجب محرر رسمي تحت طائلة البطلان . بالإضافة إلى هذا، يجب أن تتم صياغة عقد الرهن الحيازي لمدة معينة، بمعنى أنه من الضروري تحديد مدة معقولة في العقد لا تبلغ من الطول حدا حتى لا يتم الإضرار بأحد طرفي العقد، وأن تتم معاينة الملك المرهون في حالة ما إذا كان العقار غير محفظ، وبمفهوم المخالفة أن العقار إذا كان محفظا أو في طور التحفيظ وتم تقييد العقد أو إيداعه يغني عن معاينة الحوز. بالزيادة على هذا، يشترط في عقد الرهن أن يكون متضمنا لهوية أطراف العقد، ويتم تعيين الملك المرهون ببيان موقعه ومساحته ومشتملاته عند الاقتضاء حدود أو رقم رسمه العقاري، مع بيان مبلغ الدين المضمون بالرهن والمدة المحددة لأدائه تحت طائلة اعتباره غير صحيح. وفي هذا الصدد يمكن أن نتساءل عن عقد الرهن الحيازي غير المتضمن للبيانات المنصوص عليها يكون باطلا أم قابل للإبطال مع عدم تحديد المادة أعلاه للجزاء المقرر في هذا الصدد، وبالرجوع إلى القواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود يمكن القول بأن عقد الرهن الحيازي في هذه الحالة إذ أن انتفاء ركن من العقد أو شرط من شروط صحته يكون العقد باطلا. وبعد تحقق الشروط المشار إليها سابقا، وبعد ثبوت ملكية الملك المرهون للراهن وأهليته في التصرف فيه وتسليمه هذا الأخير للدائن المرتهن تسليما ماديا حتى يتمكن من حيازة الملك فعليا، تنتج آثار لا تعدو إلا أن تكون مجرد التزامات وحقوق متبادلة بين المتعاقدين، وهو الأمر الذي سنتحدث عنه بمقتضى المطلب الموالي.
المطلب الثاني: آثار الرهن الحيازي
تختلف آثار عقد الرهن الحيازي بحسب ما إذا تعلق الأمر بالمدين الراهن أو الدائن المرتهن،والحديث عنها سيكون وفق الشكل الآتي:
الفقرة الأولى: آثار عقد الرهن الحيازي بالنسبة للمدين الراهن
تتجلى آثار عقد الرهن الحيازي بالنسبة للمدين الراهن في حقوق يتمتع بها والتزامات يتحمل بها. فبالنسبة للحقوق التي يتمتع بها المدين الراهن يمكن إجمالها في:
1- تملك ثمار العقار المرهون: حيث أنه إذا ما لم يتم التنصيص في العقد على تمتع الدائن المرتهن بالثمار فإنها تكون للمدين الراهن، إذ نصت المادة من مدونة الحقوق العينية على مايلي :”تكون ثمار الملك المرهون لمالكه…”
2- حق استرجاع العقار المرهون قبل حلول الأجل: إذ يمكن للمدين الراهن أن يسترجع حيازة عقاره والتخلص من الرهن بعد أدائه لمبلغ الدين قبل حلول الأجل المحدد في صلب العقد
3- حق استرجاع العقار المرهون في حالة إهمال صيانته وتعريضه للخطر: إذ أن الفصل من قانون الالتزامات والعقود ينص على مايلي :”في الحالة المنصوص عليها في الفصل السابق، وفي جميع الحالات الأخرى التي يسيء فيها الدائن استعمال الشيء المرهون أو يهمله أو يعرضه للخطر، يكون للمدين الخيار بين:
أ- أن يطلب وضع المرهون في يد أمين مع حفظ حقه في الرجوع على الدائن بالتعويض.
ب- أو أن يجبر الدائن على إعادة المرهون إلى الحالة التي كان عليها عند إنشاء الرهن.
ج- أو أن يسترد الرهون، مع قيامه بأداء الدين ولو قبل حلول الأجل”. وفي هذا الصدد فقد اعتبرت محكمة النقض أن قيام الدائن المرتهن بتصرفات تمس القيمة المالية للعقار المرهون يخول للمدين الراهن حق استرجاعه اياه. وفي مقابل هذه الحقوق فالمدين الراهن يتحمل بالتزامات تتجلى أساسا في: 1- أداء المصروفات اللازمة للحفاظ على الشيء المرهون: حيث جاء في المادة من مدونة الحقوق العينية أنه :”يجب على المدين أن يؤدي للدائن المرتهن المصروفات الضرورية التي أنفقها على الملك المرهون لديه”.
2- تحمل مصروفات رد الملك المرهون: إذ نص المشرع بمقتضى الفصل من قانون الالتزامات والعقود على مايلي :”مصروفات رد المرهون تقع على عاتق المدين، ما لم يتفق على خلاف ذلك”.
3- الالتزام بتسليم الملك المرهون: تختلف طرق تسليم العقار المرهون بحسب إذا كان عقارا محفظا أو في طور التحفيظ أو غير محفظ، حيث أنه إذا كان محفظا فإن التسليم يتم بمجرد تقييد هذا الرهن في السجلات العقارية، أما إذا كان عقارا لازالت الإجراءات المسطرية للتحفيظ سارية بشأنه فإنه بمجرد إيداع عقد الرهن يكون التسليم قد تم، أما إذا كان غير محفظ فإنه يتم التسليم بنقل الحيازة للدائن المرتهن مع الإرفاق بسندات التملك وتسجيله لدى مصلحة كتابة الضبط التابعة للمحكمة الابتدائية الواقع في دائرة نفوذها العقار المرهون هذا ما يمكن قوله بخصوص مختلف الحقوق والالتزامات التي يتحملها المدين الراهن، ويا ترى ما هي الحقوق التي يتمتع بها الدائن المرتهن؟ وما هي الالتزامات التي يتحملها؟ إن الإجابة عن هذا التساؤل ستكون بموجب الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية: آثار عقد الرهن الحيازي بالنسبة للدائن المرتهن
يتمتع الدائن المرتهن بمجموعة من الحقوق كما أنه يتحمل مجموعة من الإلتزامات في إطار عقد الرهن الحيازي. فالبنسبة للحقوق فهي تنصب أساسا على الملك المرهون ويمكن إجمالها في:
1- حق حبس المرهون: باعتبار أن حيازة الملك المرهون من قبل الدائن المرتهن حيث أن هذا الأمر هو مناط الاختلاف بين كل من الرهن الحيازي والرهن الرسمي الغير متطلب لنقل حيازة العقار موضوع الرهن فله أن يقوم بحبس العقار المرهون، حيث تنص المادة من مدونة الحقوق العينية على أنه :”يتمتع الدائن المرتهن رهنا حيازيا بحق حبس الملك المرهون…”.
2- حق بيع الملك المرهون: في حالة عدم أداء مبلغ الدين، يجوز للدائن المرتهن أن يقوم ببيع العقار المرهون بالمزاد العلني بعد إتباع الإجراءات المسطرة بمقتضى القانون. حيث لا تؤول إليه ملكية المرهون نتيجة عدم الوفاء بالدين، إذ أن المادة من مدونة الحقوق العينية تنص على أنه :”لا يصبح الدائن مالكا للمرهون بمجرد عدم الوفاء في الأجل المتفق عليه، وكل شرط يقضي بغير ذلك يكون باطلا، وفي هذه الحالة يمكنه أن يطالب بالطرق القانونية بالبيع الجبري للملك المرهون”.
3- حق تتبع العقار: وتثبت سلطة الدائن المرتهن في تتبع العقار المرهون في يد أي شخص انتقلت إليه بموجب المادة 155 من القانون حيث جاء فيها :”يتمتع الدائن المرتهن….، كما يتمتع بحق استرداده من أي يد انتقل إليها”. ويتم ممارسة هذا الحق إذا ما تم نقل المرهون والمحبوس في يد الدائن خفية أو برغم إرادته بإعادته –الملك المرهون- إلى المكان الذي كانت موجودة فيه خلال ثلاثين يوما تبدأ من وقت علمه، لكن إن انقضى هذا الأجل، سقط هذا الحق.
4- حق الاحتفاظ بثمار المرهون: حيث أنها تخصم من مبلغ الدين، وفي هذا الصدد نصت المادة من مدونة الحقوق العينية على أنه :”… أو أن يحتفظ بها على أن يخصم ثمنها من رأسمال الدين”.
5- حق الأولوية في استيفاء الدين: حيث أنه يقدم على باقي الدائنين أثناء توزيع الثمن جراء بيع الشيء المرهون بالمزاد العلني. أما بخصوص الالتزامات التي تلقى أو بالأحرى يتحملها الدائن المرتهن فإنها تتمثل في:
1- أداء المصاريف والتحملات السنوية: تنص المادة من على أنه :”إن الدائن ملزم بأداء التكاليف والتحملات السنوية الخاصة بالعقار الذي بيده على وجه الرهن الحيازي ما لم يقع الاتفاق على خلاف ذلك. وتدخل مختلف الضرائب والرسوم (من رسم الخدمات الجماعية ورسم السكن) في زمرة التكاليف الملقاة على كاهل الدائن المرتهن.
2- القيام بالترميمات والإصلاحات الضرورية: حيث تنص المادة بموجب الفقرة الثانية منها على أنه :”يجب عليه أيضا أن يقوم بالترميمات والإصلاحات النافعة والضرورية للعقار، مع بقاء الحق له في أن يقتطع من الثمار جميع المصروفات المتعلقة بما ذكر وإلا كان مسؤولا عن تعويض الضرر”.
3- التحمل بالمسؤولية نتيجة إهمال صيانة المرهون: حيث نصت المادة على أنه :”يسأل الدائن عن الهلاك أو التلف الذي قد يصيب الملك نتيجة إهماله له”. وبهذا، يلقى عليه التزام صيانة الملك المرهون بالحرص عليه من كل ما قد يتلفه أو يعرضه للهلاك، متخذا في ذلك عناية الشخص الحريص على شؤونه الخاصة.
4- رد المرهون بعد استيفاء الدين: كنتيجة طبيعية يمكن أن تترتب عن أداء المدين الراهن لمبلغ الدين الملقى على عاتقه، يجب على الدائن المرتهن أن يرد المرهون للراهن.
خاتمة:
زبدة القول هي أن المشرع قد وفق إلى حد كبير في سبيل تنظيمه للحقوق العينية بصفة عامة، وكذا عقدي الرهن الحيازي والرسمي باعتبارهما حقوق عينية تبعية . لكن بغية الزيادة في الدقة ان صح التعبير يجب على المشرع أن ينص وينظم الاثار المترتبة عن عقد الرهن الحيازي بكيفية دقيقة حتى يسهل على القاضي الرجوع الى القانون عند اثارة كل منازعة في هذا الصدد من جهة،وحتى نتفادى ازدواجية التنظيم وتخصيص أحكام خاصة بهذا العقد، لأن مختلف النصوص الواردة في قانون الإلتزامات والعقود المتعلقة بالرهن الحيازي تخص المنقول أي الرهن الحيازي الوارد على المنقول دون العقار .
Leave a comment