مذكرة دفاع عن واقعة نشر وجنحة سب وقذف لصحفي
مذكرة دفاع عن واقعة نشر وجنحة سب وقذف لصحفي
مقدمة عن كلا من
المتهمون في الجنحة رقم 192 لسنة 2009
جنح ثان المحلة
جلسة 22 /4 / 2009
* دفاع المتهمين الأول و الثاني /
– الاتهام المنسوب إلى المتهمين الأول و الثاني
وقد حدد المدعى بالحق المدني تفاصيل ما نسبه إلى المتهمين الأول و الثاني بانهما نشرا أخبار كاذبة بسوء قصد وذلك وفقا لما جاء في الفقرة الثانية من الصفحة رقم 2 من صحيفة الادعاء المباشر في العبارة الآتية …….
” وجاء في تفصيلات هذا الخبر ما اسماه بيان باسم رابطة عمال غزل المحلة وتضمن تصريحات نسبها للمعلن إليه الرابع وتصريحات نسبها للمعلن إليه الخامس وكل ما ورد بهذا الخبر على لسان المعلن اليهما الرابع والخامس يشكل أخبارا كاذبة لا تمت للحقيقة بصلة فلا توجد ماكينات متوقفة حسبما قرر المعلن إليه الرابع بالخبر المنشور المنسوب له …………………………….”1– انتفاء الأركان المكونة لجريمة نشر أخبار كاذبة بسوء قصد المعاقب عليها بنص المادة 188 من قانون العقوبات في حق المتهم الثاني .
يجب لثبوت جريمة نشر أخبار كاذبة بسوء قصد المعاقب عليها بموجب نص المادة 188 من قانون العقوبات توافر عدد من الأركان أولها الركن المادي المتمثل في نشر أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة وان يكون من شان ذلك تكدير الأمن العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة ، وثانيها الركن المعنوي المتمثل في سوء قصد المتهم وتعمده نشر هذه الأخبار ، وثالثها ركن العلم المتمثل في وجوب علم المتهم بكذب هذه الأخبار ، وقد استقرت محكمةالنقضفي الطعن رقم 451 – لسنــة 22 – تاريخ الجلسة 20 \ 5 \ 1952 – مكتب فني 3 – رقم الجزء 3 – رقم الصفحة 982 – تم قبول هذا الطعن – حافظة مستندات رقم 1 ” على انه ” يجب لتطبيق المادة 188 من قانون العقوبات الخاصة بنشر الأخبار الكاذبة مع سوء القصد أن يكون الخبر كاذبا وان يكون ناشره عالما بهذا الكذب ومتعمدا نشر ما هو مكذوب ، فإذا كان الحكم لم يورد شيئا عن كذب الخبر في ذاته ولا عن علم الطاعن بكذبه فانه يكون قاصرا لعدم استظهاره عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها .
أولا : انتفاء الركن المادي لجريمة نشر أخبار كاذبة .
حدد المدعى بالحق المدني الأخبار الكاذبة التي ينسب إلى المتهمين الأول و الثاني نشرها بأنها كل ما ورد على لسان المتهمين الرابع والخامس ” راجع صحيفة الادعاء المباشر “، وبالتالي ينحصر نطاق الاتهام ، فيما ورد على لسان سالفى الذكر
1 – ما نشره المتهمين الأول و الثاني على لسان المتهم الرابع جهاد عبد الهادي طمان .
” وفى تصريحات ل ” الدستور ” أكد جهاد طمان – القيادي بالشركة أن وقفة الخميس تضم 24 ألف عامل وعاملة وأنها مجرد إنذار من العمال ، والمفاجأة الكبرى ستكون بعد عيد الأضحى ، والعمال لن يصدقوا الوعود هذه المرة كما حدث عندما استمعوا لوعود احمد نظيف وقبله حسين مجاور التي تدهورت بعدها أوضاع الشركة ولحقت بها الخسائر وأصبحت أكثر من 1600 ماكينة بالشركة متوقفة عن العمل وهو ما يمثل إهدار للصناعة الوطنية وتلاعب بمستقبل العمال “
2 – عدم ثبوت كذب الأخبار المنسوب إلى المتهمين الأول و الثاني نشرها على لسان المتهم الرابع .
– يزعم المدعى بالحق المدني أن الأخبار التي نشرها المتهمين الأول و الثاني على لسان المتهم الرابع أخبارا كاذبة ، وذلك دون أن يقدم لعدالة المحكمة ما يثبت كذب هذه الأخبار ، علما بان هذا شرط جوهري لثبوت الخطأ الذي يستلزم التعويض ، فبدون ثبوت كذب الأخبار سالفة الذكر لا محل للحديث عن جريمة نشر أخبار كاذبة ، وعلى العكس من زعم المدعى بالحق المدني ، فان المتهم الثاني قد تقدم بحافظة مستندات رقم 2 تحوى ” تقرير مؤشرات أداء الشركة القابضة للغزل والنسيج والشركات التابعة لها للعام المالي 2007/2008 ومن هذه الشركات التابعة الشركة المدعية بالحق المدني ” وقد جاء بهذا التقرير أن الشركة المدعية بالحق المدني – صفحة 15- أن شركة مصر للغزل والنسيج من الشركات الخاسرة وبطبيعة الحال مثل هذا التقرير الرسمي هدفه الوقوف على حقيقة الوضع داخل مثل هذه الشركات ، وهو ما لم تخرج عنه الأخبار التي نشرها المتهمين الأول والثاني على لسان المتهم الرابع ، بل على العكس أن مثل هذا التقرير الرسمي يؤكد فحوى ومضمون الأخبار التي نشرها المتهمين ، وهو ما يقيم قرينة على براءتهم من هذا الاتهام .
– تكمن المفارقة ليس في عدم إقامة المدعى بالحق المدني الدليل على كذب الأخبار التي نشرها المتهمين الأول والثاني ولكن في امتلاك المتهمين لدليل جوهري على براءتهما من كذب هذه الأخبار ، وهو ما نشرته الصحف الأخرى بخصوص تلك الوقائع ( حافظة مستندات رقم 3 مقدمة من المتهم الثاني بجلسة 22/4/2009 ) وذلك على النحو الاتى ……….
– الخبر الأول : جريدة المال – صفحة 11- 30/10/2008 ( بعنوان – ضغوط على العاملات لمنعهن من الاشتراك فيه ( اليوم الإضراب الثالث لعمال المحلة )
– الخبر الثاني : جريدة المصري اليوم – صفحة 1- 31/10/2008 ( بعنوان – عودة المظاهرات إلى غزل المحلة ( وقفة احتجاجية ل 8 آلاف عامل تطالب بعزل ” المفوض العام ” ووضع حد أدنى للأجور )
– الخبر الثالث : جريدة نهضة مصر – صفحة 1 – 31/10/2008 ( بعنوان- وقفة احتجاجية لعمال المحلة للمطالبة برفع أجورهم )
– الخبر الرابع : جريدة البديل – صفحة 3 – 30/10/2008 ( بعنوان – وقفة احتجاجية لعمال ” غزل المحلة ” ..والإدارة تحيل بعض القيادات للتحقيق بتهمة الدعوة للتظاهر )
– الخبر الخامس : جريدة المصري اليوم – 1/11/2008 ( بعنوان – عمال غزل المحلة يمهلون الحكومة حتى عيد الأضحى لتنفيذ مطالبهم ( إضراب مفتوح في حالة عدم الاستجابة .. والعمال يرفضون ” أنصاف الحلول أو الحقوق ” )
– الخبر السادس : جريدة صوت الأمة – صفحة 6 – 3/11/2008 ( بعنوان – اكبر احتجاج عمالي في المحلة منذ 6 ابريل )
– الخبر السابع : جريدة الدستور – صفحة 1 – 31/10/2008 ( بعنوان – وقفة احتجاجية من عشرة الآلاف عامل في المحلة ضد مشروع بيعها )
– الخبر الثامن : جريدة الدستور – صفحة 1 – 1/11/2008 ( بعنوان – بعد نجاح وقفتهم الاحتجاجية : عمال المحلة يطالبون بإقالة المفوض العام .. ويهددون بالإضراب بعد عيد الأضحى )
وجميع هذه الأخبار لا يخرج مضمونها عن الخبر المزعوم كذبه بل أننا نستطيع أن نقول أن هناك تطابق بين هذه الأخبار وبين هذا الخبر المنسوب إلى المتهمين نشره ، وهذا الانتشار لهذه المعلومات في أكثر من صحيفة لا يعنى سوى أنها معلومات وأخبار مؤكدة لأنها لو كانت تحتمل الشك فيما يخص صدقها وصحتها لما نشرت في جميع هذه الصحف سالفة الذكر .
3 – ما نشره المتهمين الأول والثاني ليس من شانه تكدير الأمن العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة بل انه لا يخرج عن كونه ممارسة لعملهم الصحفي الذي يتمثل في احاطة الراى العام علما بما يحدث في شركة مصر للغزل والنسيج مثلها مثل ما يحدث في اى مكان آخر .
يشترط لتطبيق نص المادة 188 من قانون العقوبات ، أن تكون الأخبار الكاذبة التي تم نشرها من شانها تكدير الأمن العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة ، والثابت من مضمون الخبر المنشور على لسان المتهم الرابع انه أدلى بتصريحات من شانها احاطة الراى العام والمسئولين علما بأوضاع الشركة وأوضاع العمال وذلك من منطلق حرصه على مستقبل الشركة كجزء لا يتجزأ من الصناعة الوطنية ، كما أن الإدلاء بتصريح صحفي حول اعتزام عمال الشركة القيام بوقفة احتجاجية ليس من شانه تكدير السلم العام أو الإضرار بالمصلحة العامة نظرا لان الاضرابات والاعتصامات والاحتجاجات العمالية أصبحت تحدث بشكل يومي على مستوى كافة القطاعات الإنتاجية في مصر ، وهو ما يعتبر امرا طبيعيا في ظل انهيار مستوى معيشة العمال والارتفاع غير المسبوق لأسعار السلع والخدمات الرئيسية ، بل أن الوقفات الاحتجاجية للعمال لا تخرج عن كونها احد آليات التعبير عن الراى ومخاطبة السلطات العامة بمطالبهم وحقوقهم المشروعة ، وأخيرا فان الحديث عن تدهور أوضاع الشركة لا يخرج عن كونه نداء موجه للجهات المعنية لإصلاح أوضاع الشركة و الارتقاء بوضعها الاقتصادي لخدمة الصناعة وتحقيق مطالب العمال وهو ما لا يشكل ضررا للمصلحة العامة بل على العكس من ذلك انه يحقق المصلحة العامة .
4– ما نشره المتهمين الأول والثاني على لسان المتهم الخامس طارق عبد الحميد أمين .
( وأوضح طارق مصطفى القيادي بالشركة أن العمال يريدون التأكيد من خلال وقفة الخميس على أنهم قادرون على حماية الشركة وحماية أبنائهم ، وان كل عامل وعاملة في الشركة ينتظر يوم الخميس بفارغ الصبر )
– عدم ثبوت كذب الأخبار المنسوب إلى المتهمين الأول و الثاني نشرها على لسان المتهم الخامس
يزعم المدعى بالحق المدني أيضا أن الأخبار التي نشرها المتهمين الأول و الثاني على لسان المتهم الخامس هي محض أخبار كاذبة ، ولكن هذا الاتهام ليس له أساس من الواقع بل أن وقفة الخميس الاحتجاجية التي ورد ذكرها في الخبر سالف الذكر قد حدثت بالفعل وهذا يبين من الأرشيف الصحفي المقدم بحافظة المستندات المقدمة من المتهم الثاني بجلسة 22/4/2009 والذي يثبت صحة هذا الخبر وصدقه وعليه ينتفي الكذب المزعوم من قبل المدعى بالحق المدني .
ثانيا : انتفاء الركن المعنوي ( القصد الجنائي الخاص ) لجريمة نشر أخبار كاذبة .
جريمة نشر أخبار كاذبة المعاقب عليها بموجب نص المادة 188 من قانون العقوبات من الجرائم التي يستلزم القانون لقيامها توافر ” قصد جنائي خاص ” يتمثل في ” سوء قصد ” من قام بنشر الأخبار المزعوم كذبها ، وهو ما لم يقم الدليل على ثبوته في حق المتهمين الأول والثاني ، بل أن نشرهما لهذه الأخبار كما سبق أن وضحنا لا يخرج عن كونه ممارسة لعملهما الصحفي باعتبار هما وعلى الأخص المتهم الثاني مراسلان للجريدة يتلقيان الأخبار من مصادر متعددة منها مثلا أول تصريح في الخبر وهو لرئيس النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج ” سعيد الجوهري ” – وهو مصدر رسمي – ، ولم يخرج تصريحه عن مضمون ما أدلى به المتهمين الرابع والخامس بل انه أشاد بتحركات العمال ووقفتهم الاحتجاجية المزمع القيام بها واصفا ذلك ” بان وعى عمال الشركة وإحساسهم بالمسئولية تجاه شركتهم هو ما يحركهم وهو شيء يستحق الإشادة والاحترام !!!! وهذا يدل على حسن نية المتهمين وانتفاء سوء القصد في شأنهما ، بل أن سوء القصد كان سيكون متوفرا إذا طلبت الشركة المدعية بالحق المدني أو ممثلها المفوض العام فؤاد عبد العليم حسان من الجريدة نشر تكذيب لهذه الخبر من خلال تصريح آخر للشركة ورفضت الجريدة نشر هذا التكذيب أو امتنعت عنه ، عندها فقط كان بامكان المدعى بالحق المدني الحديث عن توافر الخطأ والضرر الموجبان لتعويضه كما كان بامكان النيابة العامة الحديث عن توافر القصد الجنائي في حق المتهمين وهو مالم تفعله الشركة المدعية بالحق المدني ، بل هو أيضا ما يقيم قرينة رئيسية على صحة هذه الأخبار وينفى توافر سوء القصد في حق المتهمين الأول والثاني .
2 – النشر وحرية الرأى والتعبير .
استقرت المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 13 لسنة 13 قضائية “دستورية جلسة يوم السبت 6 فبراير سنة 1993- الجريدة الرسمية – العدد 7 في 18/2/1993 على أن
” الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلا بصون الحقوق والحريات العامة على اختلافها كي لا تقتحم أحدها المنطقة التي يحميها الحق أو الحرية أو تتداخل معها بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة، ولقد كان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنمائها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة، مطلبا أساسيا توكيدا لقيمتها الاجتماعية، وتقديرا لدورها في مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها ولردع كل محاولة للعدوان عليها. وفى هذا الإطار تزايد الاهتمام بالشئون العامة في مجالاتها المختلفة، وغدا عرض الآراء المتصلة بأوضاعها، وانتقاد أعمال القائمين عليها مشمولا بالحماية الدستورية تغليبا لحقيقة أن الشئون العامة، وقواعد تنظيمها وطريقة إدارتها، ووسائل النهوض بها، وثيقة الصلة بالمصالح المباشرة للجماعة، وهى تؤثر بالضرورة في تقدمها، وقد تنتكس بأهدافها القومية متراجعة بطموحاتها إلى الوراء، وتعين بالتالي أن يكون انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير وأدواته حقا مكفولا لكل مواطن، وأن يتم التمكين لحرية عرض الآراء وتداولها بما يحول – كأصل عام – دون إعاقتها أو فرض قيود مسبقة على نشرها، وهى حرية يقتضيها النظام الديمقراطي، وليس مقصودا بها مجرد أن يعبر الناقد عن ذاته. ولكن غايتها النهائية الوصول إلى الحقيقة من خلال ضمان تدفق المعلومات من مصادرها المتنوعة، وعبر الحدود المختلفة، وعرضها في آفاق مفتوحة تتوافق فيها الآراء في بعض جوانبها أو تتصادم في جوهرها ليظهر ضوء الحقيقة جليا من خلال مقابلتها ببعض، وقوفا على ما يكون منها زائفا أو صائبا، منطويا على مخاطر واضحة أو محققا لمصلحة مبتغاة ومن غير المحتمل أن يكون انتقاد الأوضاع المتصلة بالعمل العام تبصيرا بنواحي التقصير فيه، مؤديا إلى الإضرار بأية مصلحة مشروعة، وليس جائزا بالتالي أن يكون القانون أداة تعوق حرية التعبير عن مظاهر الإخلال بأمانة الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة أو مواطن الخلل في أداء واجباتها، ذلك أن ما يميز الوثيقة الدستورية ويحدد ملامحها الرئيسية هو أن الحكومة خاضعة لمواطنيها، ولا يفرضها إلا الناخبون. وكلما تنكل القائمون بالعمل العام – تخاذلا أو انحرافا – عن حقيقة واجباتهم مهدرين الثقة العامة المودعة فيهم، كان تقويم اعوجاجهم حقا وواجبا مرتبطا ارتباطا عميقا بالمباشرة الفعالة للحقوق التي ترتكز في أساسها على المفهوم الديمقراطي لنظام الحكم، ويندرج تحتها محاسبة الحكومة ومساءلتها وإلزامها مراعاة الحدود والخضوع للضوابط التي فرضها الدستور عليها. ولا يعدو أجراء الحوار المفتوح حول المسائل العامة، أن يكون ضمانا لتبادل الآراء على اختلافها كي ينقل المواطنون علانية تلك الأفكار التي تجول في عقولهم – ولو كانت السلطة العامة تعارضها – إحداثا من جانبهم – وبالوسائل السلمية – لتغيير قد يكون مطلوبا. ولئن صح القول بأن النتائج الصائبة هي حصيلة الموازنة بين آراء متعددة جرى التعبير عنها في حرية كاملة، وأنها في كل حال لا تمثل انتقاء من السلطة العامة لحلول بذاتها تستقل بتقديرها وتفرضها عنوة، فأن من الصحيح كذلك أن الطبيعة الزاجرة للعقوبة التي توقعها الدولة على من يخلون بنظامها، لا تقدم ضمانا كافيا لصونه، وأن من الخطر فرض قيود ترهق حرية التعبير بما يصد المواطنين من ممارستها، وأن الطريق إلى السلامة القومية إنما يكمن في ضمان الفرص المتكافئة للحوار المفتوح لمواجهة أشكال من المعاناة – متباينة في أبعادها – وتقرير ما يناسبها من الحلول النابعة من الإرادة العامة، ومن ثم كان منطقيا، بل وأمر محتوما أن ينحاز الدستور إلى حرية النقاش والحوار في كل أمر يتصل بالشئون العامة، ولو تضمن انتقادا حادا للقائمين بالعمل العام، إذ لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتا ولو كان معززا بالقانون، ولأن حوار القوة إهدار لسلطان العقل، ولحرية الإبداع والأمل والخيال، وهو في كل حال يولد رهبة تحول بين المواطن والتعبير عن آرائه، بما يعزز الرغبة في قمعها، ويكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها، مما يهدد في النهاية أمن الوطن واستقراره ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• دفاع المتهمين الرابع والخامس جهاد عبد الهادي طمان وطارق عبد الحميد أمين .
أولا – الدفع بعدم بقبول الدعويين المدنية و الجنائية لرفعهما من الوكيل العام للمجني عليه وذلك بالمخالفة لنص المادة ( 3 ) من قانون الإجراءات الجنائية التي تشترط أن ترفع الدعوى الجنائية لجريمة القذف من المجني عليه أو وكيله الخاص .
تنص المادة ( 3 ) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ” لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 185 ، 274 ، 277 ، 279 ، 292 ،293, 303 ، 306 ، 307 ، 308 , من قانون العقوبات ، وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون.
ولا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على غير ذلك “.
يبين من نص المادة سالفة الذكر انه يشترط لرفع الدعوى الجنائية في الجريمة المنصوص عليها في المادة ( 303 ) من قانون العقوبات أن ترفع الدعوى الجنائية من المجني عليه أو من وكيله الخاص . ولكن بعد الإطلاع نجد أن الدعوى مرفوعة بموجب توكيل رسمي عام في القضايا رقم 2141 / أ لسنة 2008 توثيق ثان المحلة بتاريخ الاثنين 7/7/2008 والمبرم من المهندس / فؤاد عبد العليم حسان المفوض العام لشركة مصر للغزل والنسيج وممثلها القانوني إلى السادة المحامين الواردة أسماؤهم بالتوكيل ومن بينهم الأستاذ / إبراهيم المرسى هيبة المحامى بالنقض ( وكيل الشركة المدعية بالحق المدني ) . وردا على ما قد يثار من جانب المدعى بالحق المدني من انه يطلب تطبيق نص المادة 302 من قانون العقوبات على المتهمين الرابع والخامس وليس نص المادة 303 التي يقيد القانون تحريك الدعوى الجنائية ضد مرتكب جريمة القذف بوجود توكيل خاص من المجني عليه ، ولكن هذا مردود بان المادة 303 ما هي إلا تحديد للعقوبة على جريمة القذف المنصوص عليها في المادة 302 من قانون العقوبات وذلك على النحو الاتى …
ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم هذه المادة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة وبشرط إثبات حقيقة كل فعل اسند إليه .
ولا يقبل من القاذف أقامة الدليل لإثبات ما قذف به إلا في الحالة المبينة في الفقرة السابقة “.
وتنص المادة( 303 ) من قانون العقوبات على أن ” يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه.
وعليه فهناك ارتباط لا يقبل التجزئة بين نص المادة 302 ونص المادة 303 من قانون العقوبات فالمادة 302 لا تحدد عقوبة على جريمة القذف بل توضح معنى القذف وأسباب الإباحة ، وما يحدد العقاب على جريمة القذف هو نص المادة 303 ، ومن ثم كان يتعين رفع الدعوى الجنائية من الوكيل الخاص للمجني عليه وليس من وكيله العام إعمالا لصحيح القانون .
ينبغي لاتهام اى شخص بارتكاب جريمة القذف المنصوص عليها في المادة ( 302 ) من قانون العقوبات والمعاقب عليها بنص المادة ( 303 ) من ذات القانون ، أن يتوافر في الفعل المنسوب إليه لاعتباره قذفا الركن المادي المكون من فعل الإسناد اى نسبة العبارة أو العبارات المقذوف بها إلى شخص محدد ، ووقوع هذا الفعل على واقعة محددة ومن شانها عقاب من أسندت إليه أو احتقاره ، فضلا عن وجوب أن يكون هذا الإسناد علنيا وفقا لطرق العلانية المحددة في نص المادة ( 171 )من قانون العقوبات ، كما يلزم توافر الركن المعنوي المتمثل في القصد الجنائي العام والذي يتكون من العلم بدلالة الواقعة والعلم بعلانية الإسناد وتوافر إرادة الإسناد ، وتوافر هذه العناصر مجتمعة هو ما يجعل من الفعل المنسوب إلى المتهم قذفا ، وبدونها ، لا يكون هناك محلا للاتهام .
المتهم الرابع / جهاد عبد الهادي عبد الله طمان
1- العبارة المنسوب إلى المتهم انه قذف بها المدعى بالحقوق المدنية والواردة بجريدة الدستور في عددها الصادر بتاريخ 28/10/2008 .
وفقا لادعاء المدعى بالحقوق المدنية أن المتهم أدلى بتصريحات إلى جريدة الدستور في عددها المنشور بتاريخ 28/10/ 2008 وان من شان هذه التصريحات المساس باعتباره ، وتتمثل هذه التصريحات في العبارة الآتية ……..
” وفى تصريحات ل ” الدستور ” أكد جهاد طمان – القيادي بالشركة أن وقفة الخميس تضم 24 ألف عامل وعاملة وأنها مجرد إنذار من العمال ، والمفاجأة الكبرى ستكون بعد عيد الأضحى ، والعمال لن يصدقوا الوعود هذه المرة كما حدث عندما استمعوا لوعود احمد نظيف وقبله حسين مجاور التي تدهورت بعدها أوضاع الشركة ولحقت بها الخسائر وأصبحت أكثر من 1600 ماكينة بالشركة متوقفة عن العمل وهو ما يمثل إهدار للصناعة الوطنية وتلاعب بمستقبل العمال “
2- انتفاء الركن المادي لجريمة القذف في العبارة سالفة الذكر .
أولا : انتفاء فعل الإسناد
وفعل الإسناد هو العنصر الأول من عناصر الركن المادي لجريمة القذف ، والمقصود به أن ينسب المتهم واقعة محددة إلى المجني عليه ، وبالقراءة الدقيقة لتفاصيل العبارة المنسوب إلى المتهم انه قذف بها الشركة المدعية بالحق المدني ، نجدها وقد خلت من اى واقعة منسوبة إلى الشركة أو ممثلها المفوض العام / فؤاد عبد العليم حسان ، بل أن المتهم حريص على مصلحة الشركة ، وقد عبر عن ذلك بقوله ” أن عدم تنفيذ الحكومة لوعودها يمثل إهدار للصناعة الوطنية ” وحرص المتهم على عدم إهدار الصناعة الوطنية غير منفصل عن حرصه على مصلحة الشركة التي تعتبر إحدى مكونات هذه الصناعة ، وفى ذلك تقول محكمة النقض ” أن محكمة الموضوع إذا كانت قد انتهت في حكمها انه يبدو من سياق المقال أن المتهم قد ضمنه نقدا لسياسة استيراد الأدوية واستهجانه لتلك السياسة القائمة على مجرد إرسال بعض الموظفين إلى الخارج بحجة العمل على تفريج أزمة الأدوية دون أن يؤدى ذلك إلى نتيجة فعالة وإنما هو يطالب باتخاذ سياسة أكثر فاعلية في معالجة أمر يهم أفراد الشعب جميعا ،
ثانيا : انتفاء واقعة القذف المنسوب إلى المتهم انه قذف بها الشركة المدعية بالحق المدني أو ممثلها .
ينبغي في الواقعة التي ينصب عليها فعل الإسناد أن تكون محددة ، وتحديد الواقعة يمتد إلى المجني عليه ، بحيث يجب أن يكون محدد بشخصه ، كما يشترط في الواقعة موضوع الإسناد أن يكون من شانها عقاب من أسندت إليه أو احتقاره .1– الواقعة موضوع الإسناد غير محددة
يتطلب القانون تحديد الواقعة التي أسندها المتهم إلى المجني عليه ، وذلك للتمييز بين ما إذا كان ما أتاه المتهم قذفا أم جريمة أخرى أم مجرد نقد مباح ، ولم يرد في التصريحات التي أدلى بها المتهم إلى جريدة الدستور ما يمكن اعتباره واقعة محددة بعينها يمكن أن يؤاخذ عليها بوصفها قذفا في حق الشركة المدعية بالحق المدني أو ممثلها المفوض العام / فؤاد عبد العليم حسان ، بل أن تصريحات المتهم تؤكد على أن هناك وقفة احتجاجية سوف يقوم بها عمال الشركة ، وقد حدثت هذه الوقفة بالفعل يوم الخميس الموافق 30/10/2008 اى بعد نشر التصريحات بيومين ، فضلا عن الحديث عن تدهور أوضاع الشركة بسبب عدم تنفيذ الوعود الحكومية بالتدخل لحل الأزمة ، كما سبق أن وضحنا في معرض الحديث عن فعل الإسناد ، وبذلك تنتفي واقعة القذف المنسوب إلى المتهم انه قذف بها الشركة المدعية بالحق المدني أو ممثلها ، وبناء عليه ينتفي تحديد الواقعة التي يدعى ممثل المدعى بالحق المدني أن المتهم أسندها إليه أو إلى الشركة التي يمثلها .
2- شخص المجني عليه غير محدد .
إن ضرورة تحديد شخص المجني عليه مستفادة من تعريف المادة 302 عقوبات للقذف والتي تفترض فيه أن القاذف اسند ” لغيره ” اى اسند الواقعة إلى شخص معين بالذات ، وتفسير هذا الاشتراط أن الحق في الشرف والاعتبار لا يكون إلا لشخص باعتبارهما من الحقوق اللصيقة بالشخصية ، وبالقراءة أيضا لتفاصيل التصريحات التي أدلى بها المتهم ، وقد نسب إليه ممثل الشركة المدعية بالحق المدني انه قذفها ، نجد أن تلك التصريحات قد خلت من اى عبارات منسوبة إلى الشركة أو إلى إدارتها أو مفوضها العام ، وهو ما يطرح سؤال ، من هو المجني عليه في واقعة القذف المنسوبة إلى المتهم .
3- خلو العبارة المنسوب إلى المتهم انه قذف بها المدعى بالحق المدني من اى واقعة تستوجب العقاب أو الاحتقار.
يفترض القذف أن يكون من شان الواقعة التي أسندها المتهم إلى المجني عليه الهبوط بمكانته الاجتماعية وقد حدد الشارع لذلك صورتين الأولى : أن يكون من شان الواقعة المسندة عقاب المجني عليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا اى انه يجب أن تكون الواقعة أساسا لقيام جريمة ، والثانية : أن يكون من شان الواقعة المسندة احتقار المجني عليه ، كأن تنال عبارات القذف من شرفه أو أخلاقه أو اعتباره وما عدا ذلك يدخل في دائرة النقد المباح ، وبتطبيق ذلك على ما نسبه المدعى بالحق المدني إلى المتهم من انه قذف لا نجد في العبارة الواردة على شكل تصريح صحفي من المتهم ما من شانه عقاب المدعى بالحق المدني أو احتقاره ، فلم ينسب المتهم له ارتكاب جريمة أو فعل يخل بمكانته الاجتماعية أو يقلل من احترام الآخرين له ، بل انه لم ينسب له اى شيء على الإطلاق كما سبق التوضيح في معرض الحديث عن انتفاء فعل الإسناد .
3- انتفاء الركن المعنوي لجريمة القذف فيما هو منسوب للمتهم .
يمتد انتفاء الركن المادي بما يتضمنه من انتفاء لفعل الإسناد وللواقعة المسندة إلى الركن المعنوي فلا يمكن البحث في توافر القصد الجنائي لجريمة القذف بدون وجود أساس مادي للجريمة المنسوبة إلى المتهم في صورة فعل متحقق الوجود ، وإذا كان الفعل المادي منعدم ، فان هذا الانعدام يمتد ليشمل كل عناصر الركن المعنوي لجريمة القذف المكون من عدة عناصر أهمها العلم بدلالة الواقعة وتوافر إرادة الإسناد ، وهو ما لا يمكن البحث فيه أو العقاب عليه طالما لم تتحول إرادة المتهم إلى فعل مادي ، وعليه فلا محل لتوافر القصد الجنائي العام لجريمة القذف المنسوبة إلى المتهم .
المتهم الخامس / طارق عبد الحميد أمين عبد الحميد
1- اختلاف الاسم الحقيقي للمتهم ( طارق عبد الحميد أمين عبد الحميد ) عن اسم الشخص الذي أدلى بالتصريح الصحفي لجريدة الدستور ( طارق مصطفى ).
يحاول المدعى بالحق المدني الالتفاف حول الحقائق بغية إثبات جريمة القذف في حق المتهم الخامس فيقول انه يحمل اسم الشهرة / طارق مصطفى وهذا لا يمت للحقيقة بصلة من قريب أو من بعيد فاسم المتهم / طارق عبد الحميد أمين عبد الحميد ، ولا يحمل اسم شهرة ، كما أن اسم مصطفى ليس من بين الاسم الكامل للمتهم ، وهو ما يدل على سوء نية المدعى بالحق المدني الذي يقصد الإضرار بالمتهم ، والإلصاق به فعل من شانه عقابه ، وبالتالي لا يكون هناك محل لاتهام المتهم الخامس / طارق عبد الحميد أمين ، إذ أن المقصود حتما شخصا آخر غير المتهم ، ولو كان المقصود حقا هو المتهم طارق عبد الحميد أمين ، فانه ليس من أدلى بهذه التصريحات ، بل يقع على عاتق المدعى بالحق المدني البحث عن المدعو طارق مصطفى ويوجه إليه هذا الاتهام .
2– العبارة المنسوب إلى المتهم انه قذف بها المدعى بالحقوق المدنية والواردة بجريدة الدستور في عددها الصادر بتاريخ 28/10/2008 .
( وأوضح طارق مصطفى القيادي بالشركة أن العمال يريدون التأكيد من خلال وقفة الخميس على أنهم قادرون على حماية الشركة وحماية أبنائهم ، وان كل عامل وعاملة في الشركة ينتظر يوم الخميس بفارغ الصبر )
3- انتفاء الركن المادي لجريمة القذف في العبارة سالفة الذكر .
أولا : انتفاء فعل الإسناد .
لم يرد في العبارة سالفة الذكر اى واقعة منسوبة إلى الشركة المدعية بالحق المدني أو ممثلها المفوض العام / فؤاد عبد العليم حسان بل أن العبارة تتضمن أن هناك وقفة احتجاجية سوف يقوم بها عمال الشركة وأنهم يريدون التأكيد من خلالها على أنهم قادرون على حماية حقوقهم ، إذا فهذه التصريحات ليست موجهة ضد المدعى بالحق المدني بل أنها ليست موجهة ضد اى شخص طبيعي أو معنوي ، بل هي لم تتعدى احاطة الراى العام بمعلومة مضمونها أن عمال شركة مصر للغزل والنسيج يعتزمون القيام بوقفة احتجاجية ، وعليه ينتفي فعل الإسناد اللازم لقيام جريمة القذف .
ثانيا : انتفاء واقعة القذف في العبارة سالفة الذكر .
كما سبق أن وضحنا في معرض الدفاع عن المتهم الرابع ينبغي في الواقعة التي ينصب عليها فعل الإسناد أن تكون محددة ، وتحديد الواقعة يمتد إلى المجني عليه ، بحيث يجب أن يكون محدد بشخصه ، كما يشترط في الواقعة موضوع الإسناد أن يكون من شانها عقاب من أسندت إليه أو احتقاره .
وعليه فان العناصر المكونة للركن المادي لجريمة القذف وقد باتت منعدمة فلا يكون هناك محل للاتهام .
يمتد انتفاء الركن المادي بما يتضمنه من انتفاء لفعل الإسناد وللواقعة المسندة إلى الركن المعنوي فلا يمكن البحث في توافر القصد الجنائي لجريمة القذف بدون وجود أساس مادي للجريمة المنسوبة إلى المتهم في صورة فعل متحقق الوجود ، وإذا كان الفعل المادي منعدم ، فان هذا الانعدام يمتد ليشمل كل عناصر الركن المعنوي لجريمة القذف المكون من عدة عناصر أهمها العلم بدلالة الواقعة وتوافر إرادة الإسناد ، وهو ما لا يمكن البحث فيه أو العقاب عليه طالما لم تتحول إرادة المتهم إلى فعل مادي ، وعليه فلا محل لتوافر القصد الجنائي العام لجريمة القذف في العبارة سالفة الذكر .
نلتمس الحكم بالاتي :-
1- براءة المتهمين من جريمة نشر أخبار كاذبة بسوء قصد وجريمة القذف لانتفاء الركن الشرعي والمادي والمعنوي لتلك الجرائم .
دفاع المتهمين