اشكالية ، شيكات ، الضمان
اشكالية ، شيكات ، الضمان
اشكالية ، شيكات ، الضمان
(١)
لشيك أداه وفاء تجري مجري النقود في التعامل فلا غرو أن يظلها المشرع بالحماية الجنائية
وان يعاقب علي إصدارها دون أن يقابلها رصيد قائم وقابل للسحب لأن من يعطي شيك كانه اعطي نقود وهذا يقتضي أن
يكون تاريخ إصدار الشيك هو ذاته تاريخ استحقاقه.ولهذا تمسح بعض المتعاملين في الشيك
لما له من حماية جنائية من خلال تحويله من أداه وفاء الي أداه ضمان فظهر ما يسمى بشيك الضمان
وبمقضاه يقبل المستفيد شيكا يعلم أنه ليس له مقابل وفاء وذلك بغية ضمان دين له في ذمة الساحب
مع رد الشيك بعد ذلك إلي ساحبه اذا قام بالوفاء بدينه أو تقديم الساحب للمحاكمة الجنائية
إذ لم يف به.ويتضح من ذلك أن المستفيد لا يهدف من هذا الشيك سوي الاحتفاظ به كضمان لدينه
ويستغله كوسيلة تهديد للضغط بها علي الساحب للوصول الي مبتغاه
(د.عبد الفتاح الصيفي قانون العقوبات القسم الخاص ٢٠٠٠ص٨٠٦؛د.محمد عيد الغريب شرح قانون العقوبات القسم الخاص ٢٠٠٤ص ١٢٩٥)
وهو بهذا المعني يختلف عن الشيك المتأخر التاريخ الذي يصدره الساحب في تاريخ معين ولكن يكتب له تاريخ استحقاق
لاحق يتوقع فيه تدبير مقابل الوفاء لدي البنك قاصدا من ذلك طرحه للتداول في التاريخ المبين فيه
كتاريخ استحقاق وهو ما اعترف المشرع بمشروعيته في قانون التجارة رقم ١٧لسنه ١٩٩٩ المعدل في ٢٠٠٤
في صورة الشيكات المسطرة والحكومية وهو لأ خلاف علي تجريمة متي تبين عدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ الاستحقاق (د.ياسر الامير الشيك المتأخر التاريخ ٢٠٠٩ص٧٠).
اشكالية ، شيكات ، الضمان
(٢)
هذا وكان قد أثير تساؤول قبل صدور قانون التجارة الجديد رقم ١٧لسنه ١٩٩٩حول
ما إذا كان الساحب يعاقب علي إصدار شيك ضمان مادام انه لا يقابله رصيد؟ اختلفت المحاكم الفرنسية
في هذا الشأن ويبين أن وجه الخلاف كان ينصرف إلي بطلان شيك الضمان من عدمه.
فذهب راي إلي بطلانه ونفي الجريمة وذهب راي الي صحته واقر الجريمة
Cabrilla et Mouly Droit penal de la Banque et du Credit Paris 1982 p220 ;Dupont Droit penal de Afaris et des Secities Commercials Paris 1980 p99. ونعتقد أن الإجابة علي هذا التساؤول ليس لها علاقة فحسب ببطلان الشيك
وإنما تنصرف كذلك الي مدي توافر أركان جريمة إصدار شيك بدون رصيد
لا سيما فعل الإصدار المتمثل في أنصراف أراده الساحب الي التخلي عن حيازة الشيك نهائيا للمستفيد وطرحه للتداول.
ولقد ذهب جمهور الفقه إلي أنه إذا ناول الساحب الشيك الذي لايقابله رصيد الي المستفيد علي سبيل الوديعه
كما هو الحال في شيك الضمان فإن الساحب لايرتكب بذلك الجريمة لأن المستفيد بحسبانه مودع لديه يحوز الشيك لحساب الساحب
فهو بذلك لم يخرج عن حيازته وبالتالي لم تنصرف ارادة الساحب الي طرحه في التداول
(د.محمود نجيب حسني – شرح قانون العقوبات القسم الخاص-١٩٨٩-ص٨٧٦؛ د.عمر السعيد رمضان-
شرح قانون العقوبات القسم الخاص-١٩٨٤-ص٥٤٣؛د.رؤف عبيد جرائم الإعتداء علي الأشخاص
والاموال ١٩٧٩ص ٥٢٠؛د.جلال ثروت نظم القسم الخاص في قانون العقوبات ٢٠٠٠ص؛د.أحمد فتحي سرور
الوسيط في قانون العقوبات القسم الخاص ٢٠١٣ص ١٦٦٧؛ د.فوزية عبد الستار شرح قانون العقوبات القسم الخاص ١٩٩٦ص٨٩٦)
غير أن نفر من الفقهاء ذهب إلي تجريم اصدار شيكات الضمان إذ لاعبرة بالبواعث
كما أن الساحب لايملك تغيير طبيعة الشيك من اداه وفاء الي وسيله ضمان(د.حسن المرصفاوي جرائم الشيك ٢٠٠٠ص٣٢٢)
وهو ما اطرد عليه قضاء النقض قبل صدور قانون التجاره الجديد اذ لا عبره بالأسباب التي حدت بالساحب الي إصدار الشيك فلا يقبل
منه دفع مسؤليته الجنائيه بقاله انه اراد بإصدار الشيك أن يكون ضمان لدين عليه لصالح المستفيد
إذ جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تحققها بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمة
بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب أما الأسباب التى دعت لإصدار الشيك فليست محل اعتبار
اذ هي من قبيل البواعث التى لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائيةما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة في هذه الجريمة
(الطعن رقم ٤٤٣٨٩ لسنة ٥٩ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٦/١٠/٠٢)
ومن ثم فإن تمسك المتهم بأن الشيك هو ثمن بضاعة تبين عدم مطابقتها للمواصفات لا ينفى مسئوليته الجنائية
(الطعن رقم ٤٨٣١٩ لسنة ٥٩ قضائيةالصادر بجلسة ١٩٩٦/٠٤/٠٩)
ومع ذلك فقد عثرنا علي قضاء فريد لمحكمه النقض قبل صدور قانون التجارة الجديد نفي التجريم عن اصدار شيك ضمان لأ يقابلة رصيد
إذ أيدت محكمة النقض حكما صدر بالبراءة جاء به أنه ” لما كان الثابت من أقوال الشهود أن الشيكات قد سلمها المتهم طه للمدعي المدني
نهاد علي سبيل الوديعة كضمان لسداد ثمن الاطيان المبيعه في موعد أقصاه سته اشهر وبذا فان تسليم الشيكات من المتهم للمدعي المدني
لم يكن علي وجه تخلي فيه المتهم الساحب نهائيا عما سلمه للمستفيد المدعي المدنى ومن ثم فإن الركن المادي لجريمة إصدار شيك بدون رصيد يكون غير متوافر
(نقض ١٩٩٨/١٢/٢٧مجموعة أحكام النقض س ٤٩رقم ٢١٧ص ١٥٢٧)
اشكالية ، شيكات ، الضمان
(٣)
وبصدور قانون التجارة الجديد جرم المشرع شيكات الضمان في المادة ٥٣٥إذ عاقب المستفيد الذي يقبل شيك يعلم أنه ليس
له مقابل وفاء بغيه القضاء علي ظاهرة شيكات الضمان وبالتالي كان من الواجب أن تنحسرالحماية الجنائية عن إصدار شيكات الضمان.
الا أن محكمةالنقض رغم ذلك عادت إذ لازالت تصر حتي بعد صدور قانون التجارة الجديد رقم ١٧لسنه ١٩٩٩ علي أن جريمة إعطاء
شيك بدون رصيد جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء
له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك
في التداول باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره لأنها دوافع
لا أثر لها على مسئوليته الجنائية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الشيك الذي أصدره الطاعن استوفى شرائطه القانونية ،
فإنه لا يجديه ما يثيره من جدل حول الأسباب والظروف التي دعته إلى إصداره ، ولا وجه لما يتذرع به في صدد نفي مسئوليته الجنائية بقوله أنه أصدر الشيك ضماناً للوفاء بقرض
(الطعن رقم ١١٤٢٣ لسنة ٤ قضائيةالدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٤/٠٧/٠٣)
أو أنه سلم الشيكات للبنك كوديعة لضمان مديونية المتهم
( الطعن رقم ٧١٢٥ لسنة ٤ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٣/٠٥/٢٣)
واعتبرت أن دفاع المتهم بأن الشيك الذي أصدره كان لضمان دين سداد الاجره لصالح المستفيد لا أثر له في نفي المسؤلية الجنائيه
(الطعن رقم ١٤٤٥١لسنه ٦٥قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٤/٣/٧)
بل أن محكمة النقض لم تتردد في الغاء حكم بالبراءة قضي بالبراءة لانتفاء الركن المعنوي للجريمة المنسوبة للمتهم بعنصريه
عن علم وإرادة تاسيسا علي إن المستفاد من الوقائع … أن المتهم لم يقصد طرح الشيك للتداول في السوق التجاري والمالي
لما كان ذلك وكان من المقرر أنه إذا كان مظهر الشيك وصيغته يدلان على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع عليه وكان الشيك
قد استوفى الشكل الذى يتطلبه القانون لكى تجرى الورقة مجرى النقود فإنه يعد شيكاً بالمعنى المقصود في المادة ٣٣٧ من قانون العقوبات ،
وكانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق متى أعطى الساحب شيكاً لا يقابله رصيد أو أعطى شيكاً له مقابل ثم أمر بعدم السحب من الرصيد
مبلغاً بحيث يصبح الباقي غير كاف لسداد قيمة الشيك وكانت المسئولية الجنائية في صدد هذه الجريمة لا تتأثر بالسبب
أو الباعث الذى من أجله أعطى الشيك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن الشيك موضوع الاتهام قد استوفى الشكل الذى يتطلبه القانون
لكى يجرى مجرى النقود ولم ينازع المطعون ضده في جميع جلسات المحاكمة أنه سلَّم الشركة المجنى عليها الشيك وأنه يحمل توقيعه
واسم الشركة المستفيدة وانحسر دفاعه أن الشيك أداة ائتمان وليس أداة وفاء ، وكان من المسلم به أنه لا عبرة بسبب تحرير الشيك ،
ولا الغرض من ذلك ، لأن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب،
وهو قصد جنائي عام لأن المشرع لم يستلزم نية خاصة لوقوع هذه الجريمة ، إذ يتم طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية
التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتبارها أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات لما كانما تقدم جميعه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون
(الطعن رقم ٢٨٦٩١ لسنة ٢ قضائيةالدوائر الجنائية جلسة ٢٠١٣/٠٣/١٦)
اشكالية ، شيكات ، الضمان
(٤)
ولاشك أن قضاء النقض الأخير هو أحياء لماض درس كنا نأمل من محكمة النقض أن تهجره بعد أن تبدلت الأوضاع
وتغيرت في ظل قانون التجارة الجديد اذ اضحي شيك الضمان مجرم ولا يستقيم أن ترد المشروعية والتأثيم علي ذات المحل (شيك الضمان) في أن واحد.
ومادام أن قبول المستفيد شيك يعلم أنه لايقابله رصيد يعني أن هذا الشيك اضحي متحصل من جريمة خاصة فهذا بمفرده كاف لهدم جريمة
اصدار شيك بدون رصيد إذ من الثوابت أنه متي كان الشيك متحصل من جريمه كسرقة أو نصب أو تبديد أو اي جريمه اخري انحسر تجريم
إصداره كما أن المسألة لأ تنحصر في القصد الجنائي كما خال لمحكمة النقض بل تنصرف الي الركن المادي المتمثل في اصدار الشيك وطرحة للتداول
وهو ما يتخلف عن اعطاء الساحب للمستفيد شيك ضمان حسبما اوضحنا. والنتيجة العملية المترتبة علي احكم النقض الحديثه أن تصد المحاكم
نفسها عن تحقيق وبحث دفاع المتهم وتتفش العبارة الشائعة بأن الشيك شيك وأما السداد واما الحبس رغم فساد هذه العبارة وعدم قانونيتها بشأن شيكات الضمان.