المنصه الاولي للاستشارات القانونيه في مصر في كافة التخصصات القانونيه

حالات الدفاع الشرعي في القانون المصري 

حالات الدفاع الشرعي في القانون المصري 

0

حالات الدفاع الشرعي في القانون المصري تعرف عليها كل ما تريد معرفتة من حيث التطبيق بكل جوانبة من كافة النواحي سواء من حيث التعريف أو من حيث التشريع أو من حيث التطبيق.  – دائما ما يثور اللغط في المجتمع المصري عن الدفاع الشرعي بل و المجتمع القانوني ذاتة فقد تتباين فية وجهات النظر في كل واقعة يشتبة أن تكون فيها الواقعة دفاع شرعي , ومن الحالات التي تختلط علي المجتمع هي أن المجتمع يعتبر أن كل رد فعل لفعل أجنبي هو من قبيل الدفاع الشرعي , وهذا مثال غير صحيح في مجملة , ولكي نعرف ما هي حالة الدفاع الشرعي ومتي تتحقق وما هي شروط تحققها ,, وأثر توافرها لتكون من موانع عقاب مرتكبها وفق الشرع و القانون

حالات الدفاع الشرعي في القانون المصري

وهذا ما سوف نستعرضة في الأتي:-

الدفاع الشرعي في القانون المصري هو حق يتيح للشخص استخدام القوة اللازمة والمناسبة لدرأ خطر حال، وغير مشروع، يهدد النفس أو المال بنحو قد يستحيل معه لجوء هذا الشخص إلى السلطات العامة لطلب حمايتها من ذلك الخطر. فالدفاع الشرعي هو حق يتيح للفرد في مصر أن يدافع عن نفسه في مواجهة الكافة، وذلك استثناءً على القاعدة القانونية التي تحظر على الفرد أن يقيم العدالة بنفسه دون اللجوء إلى السلطات المختصة.

والأصل أن الدفاع الشرعي أمر مطلق يستفيد منه أي شخص في مصر، كما أنه أيضًا أمر عام يتيح للمدافع أن يرتكب أية جريمة سواء تعلّقت بالنفس أو بالمال أو بغيرهما؛ حيث يجوز للمدافع أن يرتكب جرائم كالقتل أو الضرب أو الجرح أو غير ذلك من الجرائم، وذلك دفاعًا عن نفسه، كالمرأة التي تتعرّض لمحاولة اغتصاب لا تجد مفرًا منها إلا بالهروب إلى الطريق العام في حالة منافية للآداب العامة، مما ينفي عنها جريمة الفعل العلني الفاضح. وقد ورد حق الدفاع الشرعي في القانون المصري بالمواد من 245 إلى 251 من قانون العقوبات، باعتباره أحد أسباب الإباحة، حيث ذكر شروطه، وقيوده، وأثره، والحكم عند تجاوز حدوده.

يتطلب لقيام حالة الدفاع الشرعي توافر عدة شروط ، وهذه الشروط منها ما هو متعلق بفعل الإعتداء الذي يبرر الدفاع ، ومنها ما هو متعلق بالمعتدى عليه دفعاً للتعدي.

أ‌- شروط الإعتداء:-

– وجود إعتداء غير مشروع.

لكي يكون هناك حق دفاع ؛ يجب أن يكون هناك إعتداء أو خطر إعتداء بفعل يعد جريمة فإذا كان الإعتداء لا يعد جريمة فلا يقوم حق الدفاع وبناء على ذلك فالدفاع ضد من يزاول حقه في الدفاع الشرعي غير معاقب عليه ؛ إلا إذا كان من يزاول حقه في فعل الدفاع قد تخطى حدود الدفاع الشرعي فإن فعله يعتبر إعتداء مما يعد جريمة طبقاً لقواعد القانون عامة ؛ وعلى ذلك يجوز الدفاع ضده و الإعتداء يعد جريمة ولو كان الفاعل غير معاقب لعارض من عوارض الأهلية الجنائية أو لإنتفاء القصد الجنائي لغلط في الوقائع لأن موانع المسؤولية لا تمحو صفة الجريمة عن الفعل وإن كانت تمنع المسؤولية عنه فيجوز الدفاع ضد عمل الحدث والمجنون ومن هو في واقع الغلط ؛ كذلك يجوز الدفاع الشرعي ضد من يتمتع بعذر من الأعذار القانونية ذلك أن وجود العذر القانوني لا يمنع من كون الفعل غير مشروع وعلى ذلك فإن الزوج الذي يفاجـأ زوجته وشريكها في حالة الزنا فيحاول قتلهما في الحال فإن للزوجة والشريك أن يدفعا عدوان الزوج بإستعمـال حق الدفاع الشرعي.

وإشتراط عدم مشروعية الخطر يفيد إنتفاء الدفاع الشرعي ضد الخطر المشروع فلا يتصور الدفاع الشرعي ضد خطر يقره القانون أو يأمر به فالدفاع لا يجوز إلا ضد خطر يهدد بإرتكاب جريمة وبالتالي فإن هذه الصفة تنتفي بالنسبة للخطر المشروع ويترتب على ذلك أن الدفاع الشرعي لا يجوز ضد من يرتكب فعلاً في حالة دفاع عن النفس أو المال المباح قانوناً كذلك لا يجوز الدفاع ضد الفعل المرتكب إستعمالاً لحق من الحقوق أو الغلط في الإباحة فإنه لا ينفي عن الفعل المرتكب الصفة غير المشروعة وبالتالي يتحقق الشرط الذي نحن بصدده ويجوز الدفاع الشرعي ضده ويستوي بعد ذلك أن يكون الغلط في الإباحة يعفي صاحبه من المسؤولية كلية أو لا يعفه.

والدفاع الشرعي جائز ضد الإعتداء الوهمي أي الذي لا أصل له في الواقع ، وحقيقة الأمر بأنه متى ما كانت الظروف والملابسات تلقي في روع المدافع أن هناك إعتداءاً جدياً وحقيقياً موجهاً إليه ، فإن حالة الدفاع الشرعي تكون قائمة ، ولا يشترط أن يكون الإعتداء حقيقياً في ذاته بل يكفي أن يبدو كذلك في إعتقاد المدافع وتصوره ؛ وعليه فإن الأعمال التحضيرية لجريمة ما لا تبيح الدفاع الشرعي وذلك لأنها لا تعد جريمة بحد ذاتها.

وينتهي الحق في الدفاع بزوال الإعتداء فعلاً لأن الغرض من الدفاع هو منع المعتدي وليس القصاص أو الإنتقام فإذا ثبت أن المتهم إرتكب جريمته بعد إنقطاع الإعتداء فلا يكون في حالة دفاع شرعي ذلك أن الدفاع الشرعي يهدف إلى الحيلولة دون إتمام مخالفة القانون ، ويقتضي ذلك أن يكون الخطر لا زال قائماً يحدق بالغير ، بحيث إذا كان الإعتداء قد إنتهاء فلا يكون للدفاع شرعي وجود ؛ وتحديد الوقت الذي يعد الإعتداء فيه منتهياً وبالتالي يقف فيه حق الدفاع يختلف بإختلاف الجرائم وظروف إرتكابها .

حالات الدفاع الشرعي في القانون المصري

– أن يكون الإعتداء يهدد بإرتكاب جريمة ضد النفس أو المال .

يلزم أن يكون الخطر مهدداً لحق ((وهذا هو موضوع الإعتداء)) ، وهذا الحق إما أن يكون ماسا بسلامة بدن المعتدى عليه أو ماسا بسلامة ماله وبالرجوع لنص المادة (253/1) من قانون الجزاء، يتضح لي بأن المشرع العماني لم يقم بحصر الجرائم التي يمكن بأن تثور بها حالة الدفاع الشرعي، وإنما جعلها عامة فيجوز بذلك الدفاع الشرعي تجاه أي فعل يهدد سلامة الحقين (البدن والمال) وهذا يُعد تطبيقاً لروح الشريعة الإسلامية السمحة.

والمقصود بجرائم الإعتداء على النفس جرائم الإعتداء على النفس التي تقع على الأشخاص وهي في القانون متنوعة فقد تنال بالاعتداء الحق في الحياة (القتل)أو سلامة الجسم (كالضرب) أو الحق في الحرية أو الحق في صيانة العرض أو الشرف والإعتبار ؛ إلا أن هناك رأي ذهب إلى أنه لا يجوز إستعمال حق الدفاع الشرعي في جرائم الماسة بالشرف والإعتبار (والتي تعرف بجرائم إهانة الكرامة لدى المشرع العماني) لأنه ليس فيها مظهر من مظاهر القوة المادية وهذا الرأي متأثر بالوضع السائد في فرنسا؛ لكن هذا الرأي لا يمكن الأخذ به، لأن الراجح جواز الدفاع الشرعي ضد هذه الجرائم مثل تمزيق المكتوب الذي يحوي عبارات القدح أو الذم قبل إذاعتها، أو وضع اليد على فم المعتدي لمنعه من الإسترسـال في عبارات الـقدح أو الذم ؛ أما جرائم الإعتداء على المال، فهي الجرائم التي تنال من ما يملكه الشخص أو ما يستنفع به.

وقد تطرق المشرع العماني في المادة أنفة الذكر إلى حالتين من الحالات التي تُعد من قبيل الدفاع الشرعي وهي:-

  1. فعل من يدافع عن نفسه أو عن ماله أوعن نفس الغير أو أمواله تجاه من يقدم، باستعمال العنف، على السرقة أو النهب.
  2. الفعل المقترف عند دفع شخص دخل أو حاول الدخول ليلاً إلى منزل آهل أو ملحقاته الملاصقة بتسلق السياجات أو الجدران أو المداخل أو ثقبها أو كسرها أو تمزيقها أو بإستعمال مفاتيح مقلدة أو أدوات خاصة.

فيشترط لإعمال هذه المادة في الحالة الأولى بأن يكون فعل المعتدي مهدداً بإرتكاب جريمة السرقة أو النهب فقط، وأن يكون قد إستعان بالعنف لتنفيذ الجريمة.

أما في الحالة الثانية فيشترط لتوافرها أولاً: دخول المعتدي منزلاً مسكوناً أو أحد ملحقاته أو محاولته ذلك، ويجب أن يكون الدخول بدون رضاء صاحب المنزل، لأنه لو كان الدخول برضاه لانتفت الجريمة وكان الدخول مباحاً بحسب الأصل، ويقصد بالمنزل المسكون المكان الذي يقيم فيه الإنسان بالفعل وان كان لا يشترط وجوده وقت دخول المعتدي، فلا يكفي أن يكون المكان معداً للسكنى ولم يسكنه أحد، ويقصد بملحقات المنزل المسكون الأماكن الملاصقة به والمخصصة لمنافعه والتي لا تكون مسكونة أو معدة لذلك مثل الحديقة أو الكراج أو المخزن، ولا يشترط دخول هذه الأماكن فعلاً بل تكفي محاولة الدخول، ويشترط ثانياً: أن يكون الدخول أو محاولة الدخول ليلاً وهي الفترة التي تمتد من غروب الشمس إلى الشروق، فلا يتوافر هذا الشرط إذا تم الفعل نهاراً ولا يتحقق بالتالي الدفاع المشروع وإن كان المدافع في هذه الحالة يستفيد من العذر المخفف كما سنبين لاحقاً، ويشترط ثالثاً: أن يكون الدخول أو محاولة الدخول عن طريق إستخدام وسائل غير مألوفة نص المشرع إلى بعضها مثل (التسلق أو الكسر أو الثقب…الخ) وعلى ذلك لا يتوافر هذا الشرط إذا تم الدخول بطريقة مألوفة .

ولكن القرينة التي أوردها المشرع في الحالتين ليست قاطعة أو مطلقة، إذ يجوز إثبات عكسها، فقد تطرقت ذات المادة في فقرتها الأخيرة إلى ما يشير لهذا القول، وسأشرح معنى الفقرة الأخيرة لاحقاً.

– أن يكون الخطر حالاً.

يشترط لاعتبار الشخص في حالة دفاع شرعي أن يكون الإعتداء الذي يرمي إلى دفعه حالاً أو وشيك الحلول ، ذلك أن حالة الخطر الداهم التي يوجد فيها المعتدى عليه هي التي تبرر الدفاع فإذا لم يكن الخطر حالاً بل كان مستقبلا ، فلا يكون الموجه عليه في حالة دفاع شرعي، ويكون الإعتداء حالاً في صورتين الأولى حيث يكون الإعتداء على وشك أن يبدأ حيث صدرت من المعتدي أفعال تجعل من المنتظر- وفق السير العادي للأمور- أن يبتدئ الإعتداء على الفور ، وفي هذه الحالة لا يلزم المشرع المهدد بالخطر أن ينتظر ابتداء الإعتداء عليه حتى يباح له الدفاع ، بل يجيز له الدفاع بمجرد أن يتهدده الخطر الوشيك.

أما الصورة الثانية فهي حين يكون الإعتداء قد بدا ولكنه لم ينته بعد فما زال بعض الخطر قائماً وهو خطر حال والدفاع جائز فيها وذلك عن الإعتداء اللاحق ، أما إذا إنتهى الإعتداء وتحقق كل الخطر إنتفت صفة الحلول فلا يكون للدفاع الشرعي محل ؛ وتحديد الوقت الذي يعد الإعتداء فيه منتهياً، وبالتالي يقف فيه حق الدفاع يختلف بإختلاف الجرائم وظروف إرتكابها إلا أن الضابط في ذلك هو قوام إتمام الجاني للأفعال التي يريدها وتحقق النتيجة الإجرامية.

– ومرد هذا الشرط هو القواعد العامة لقانون العقوبات- .

ب‌- شروط الدفاع:-

يشترط في فعل الدفاع شرطان وهما اللزوم والتناسب حيث سنوجزهما على النحو الأتي:-

– اللزوم:-

إذا كان المدافع يستطيع التخلص من الخطر الذي يهدد حقه عن طريق فعل لا يعد جريمة، فلا يباح له الإقدام على الفعل الذي تقوم به الجريمة؛ ذلك أن إتيان هذا الفعل ليس لازماً لدرء الخطر، إذ كان من ممكناً حماية الحق دون مساس بحق سواه ؛ وهذا الشرط يتطلب التثبت من أمرين وهما عدم إمكانية تجنب الخطر إلا بالدفاع وأن يكون الخطر موجها لمصدر الخطر؛ وعلى ذلك لا يتوافر الدفاع الشرعي إذا كان في الإمكان الإلتجاء إلى السلطات العامة ، إذ لو كان ذلك ممكناً فإن شرط اللزوم ينتفي بإعتبار أن تكون هناك وسيلة أخرى لدرء الخطر عن طريق السلطات العامة المنوط بها منع وقوع الجرائم غير أن ذلك مشروط بإمكانية الإلتجاء إلى السلطات العامة في الوقت المناسب، ويقصد بذلك إمكانية تدخل السلطات لمنع الإعتداء قبل وقوعه .

ولا محل لإباحة فعل الدفاع إلا إذا وجه إلى مصدر الخطر كي يكفل التخلص منه؛ أما إذا ترك المعتدى عليه مصدر الخطر يهدده ووجه إلى شخص أو شيء لا يصدر الخطر عنه، فلا محل لإحتجاجه بالدفاع الشرعي، لأن الفعل غير ذي جدوى في التخلص من الخطر، فهو غير لازم لذلك؛ فمن يهاجمه شخص لا يجوز له أن يوجه فعل دفاعه إلى غيره ومن يهاجمه كلب لا يجوز أن يترك الكلب ويطلق النار على مالكه .

– التناسب:-

إذا نشأ حق الدفاع بأن كان هناك إعتداء حال أو على وشك الحلول يهدد النفس أو المال وكان إستعمال القوة المادية لازماً أي هو الوسيلة الوحيدة لدرئه فيجب على المدافع أن يبذل قدراً من القوة لرد الإعتداء يكون متناسباً مع الإعتداء ولكن لا يشترط التكافؤ الحقيقي التام فقد تكون القوة المبذولة للرد أزيد من فعل الإعتداء ولكن هذه الزيادة معقولة في مثل الظروف التي كان فيها المدافع وبالنسبة لسنه وقوته وحالته الشخصية وعلى ذلك فهي متناسبة ومرجع تقدير ذلك كله إلى محكمة الموضوع ، وعليه فإن التناسب لا يعني التطابق بين الإعتداء والقوة وإنما أن يكون هناك تناسباً بين الوسيلة التي كانت في متناول المعتدى عليه وبين الوسيلة التي إستعملها بالفعل؛ فيوجد تناسب إذا ثبت أن الوسيلة المستعملة كانت في ظرف إستعمالها أنسب الوسائل لرد الإعتداء أو كانت هي الوسيلة الوحيدة التي وجدت في متناول المهدد بالإعتداء فالضرر الذي ينتج عن إستعمال هذه الوسيلة هو القدر المناسب لرد الإعتداء وتقدير التناسب على هذا النحو نسبي يتعلق بظروف كل واقعة فقد تعد الوسيلة مناسبة في بعض الظروف دون البعض الأخر .

  • أثر الدفاع الشرعي : –

أ‌- إباحة فعل الدفاع :-

متى توافرت الشروط المتطلبة قانوناً في فعل الإعتداء وفي الدفاع أحدث الدفاع الشرعي أثره القانوني في إباحة الفعل ؛ فيعتبر الدفاع مشروعاً وتنتفي عنه الصفة الإجرامية بالرغم من مطابقته لنموذج إجرامي معين .

وبهذه الإباحة يصير الفعل مشروعاً فلا تقوم من أجله مسئولية ولا يوقع على مرتكبه عقاب ، ويستفيد من الإباحة كل من يساهم في فعل الدفاع ، سواء أكانت مساهمته أصلية أم تبعية .

ويعتبر مرتكب الدفاع الذي تخلفت لديه نية الدفاع في محيط الجريمة الظنية والتي لا قيمة لها قانوناً ، ذلك أن المشروعية أو عدمها منوطة بالضرر الذي يصيب المصالح المحمية جنائياً ، ولما كان الإعتداء يهدد الحماية الجنائية لمصلحة المعتدي فإن الفعل يعتبر مشروعا بغض النظر عن نية الدفاع لدى المدافع ؛ وذهب البعض إلى أن الدفاع الشرعي يحدث أثره وتنتفي مسئولية المدافع طالما كان الفعل في حدود حق الدفاع حتى ولو أصاب غير المعتدي سواء أكان ذلك لغلط في الشخص أم كان لخطأ في إصابة الهدف.

لكننا نذهب مع الرأي الذي يوجب التفرقة بين ما إذا كان المعتدى عليه لم يتعمد إصابة حق الغير أو أنه تعمد ذلك، ففي الحالة الأولى يكون حكم القانون هو إباحة فعل الدفاع طالما ثبت أن المعتدى عليه قد بذل كل العناية والإحتياط المفروضين عليه لإصابة المتعدي وحده، لكن حدثت إصابة الغير لأسباب لا سيطرة لإرادته عليها، أما إذا ثبت صدور خطأ عنه فيكون المعتدى عليه مسئولاً عن جريمة غير عمدية.

أما في الحالة التي يكون المعتدى عليه قد تعمد إصابة حق الغير لضرورة إتيان فعل الدفاع ومثاله بأن يستولي شخص على طلقات نارية مملوكة لغيره كي يعبئ بها سلاحه ، فحكم القانون في هذه الأفعال أن الدفاع الشرعي لا يبيحها ، إذ أنها لم توجه إلى مصدر الخطر (المعتدي) وإنما وجهت إلى شخص لا شأن له بالخطر؛ ولكن يستطيع المدافع أن يحتج بحالة الضرورة .

ب‌- إثبات الدفاع الشرعي:-

ثار الخلاف حول من يُحمل عبء إثبات الدفاع الشرعي وهل يقع على عاتق المتهم أم على عاتق سلطة الإتهام (الإدعاء العام) ؛ فذهب رأي إلى أن هذا العبء يقع على عاتق الإدعاء العام بوصفه سلطة الإتهام في الدعوى الجنائية وأن عليه واجب إثبات توافر أركان الجريمة وعدم وجود سبب مبرر لها، كما أن المتهم يستفيد من قرينة البراءة فلا يتحمل عبء إثبات الجريمة أو نفيها؛ وهناك من قيد هذا العبء وقصره على الحالة التي يدعي فيها المتهم بتوافر حق الدفاع المشروع فيقع في هذه الحالة على عاتق الإدعاء العام إثبات إنتفاء قيام هذا الحق، وألقى رأي أخر هذا العبء على القاضي الذي يجب عليه من تلقاء نفسه أن يتحرى عن توافر الدفاع المشروع ؛ إلا أنه يؤخذ على هذه الآراء السابقة أن منطقها يؤدي إلى القول بأن هناك قرينة تفيد بأن المتهم كان في حالة دفاع مشروع وعلى الإدعاء العام أو القاضي حسب الأحوال نفي هذه القرينة وإثبات عكسها وهذا الأمر مغالى فيه.

لكننا نتفق مع الراجح لدى غالبية الفقهاء وهو أن واجب الإدعاء العام ينتهي عند حد إثبات الجريمة ، بينما يقع على عاتق المتهم إثبات الوقائع التي تنفي وجود جريمة ومنها الدفاع الشرعي؛ لكن لا يشترط للتمسك به أن يدفع المتهم صراحة بالدفاع الشرعي بل يكفي إستخدام أي عبارة تفيد التمسك بحالة الدفاع الشرعي .

  • ضوابط التمسك بالدفاع الشرعي :-

الدفاع الشرعي هو دفاع موضوعي، لأنه يتطلب تحقيقاً لإثباته وتدخلاً في تصوير ظروفه وتقدير الأدلة المقدمة بصدده إثباتاً ونفياً.

فيلزم بأن يكون الدفع قد أثير على وجه ثابت ؛ وأن يكون قد قدم قبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة الموضوع وبالتالي لا يمكن أن يثار لأول مرة أمام محكمة القانون (العليا) ويتوجب على محكمة الموضوع أن تتعرض لهذا الدفع في أسباب حكمها إذا قدم المتهم دفعاً صريحاً بتوافر الدفاع الشرعي ، أو إذا كانت الدعوى ترشح للقول بتوافر حالة الدفاع ولو لم يقدم المتهم دفعاً صريحاً بها؛ ولا يشترط بأن يكون التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي بلفظ صريح بل يكفي إثارته ضمناً ؛ كذلك لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي إعتراف المدافع بالجريمة.(1)

ولمحكمة الموضوع عند بحث موضوع الدعوى التحقق من توافر شروط الدفاع الشرعي والتزام قيوده واستخلاص نتيجة ذلك بالقول بتوافره أو انتفائه، لذلك كان عليها البت فيه ، لكنها ليست ملزمة بالبحث في حالة الدفاع الشرعي طالما لم يتمسك المتهم بها ولم تكن وقائع الدعوى كما أثبتتها المحكمة ناطقة بتوافرها مرشحة لقيامها، ويعني ذلك أنه لا يقبل من المهتم النعي على الحكم بأنه لم يتحدث عن حالة الدفاع ولم يفصل فيها.(2)

لكن سلطة محكمة الموضوع في القول بتوافر الدفاع الشرعي من عدمه ليست مطلقة بل تخضع لرقابة محكمة القانون، كالخطأ في تطبيق القانون أو القصور في التسيب والحالة الثالثة هي أن تكون الوقائع تدل على قيام حالة الدفاع الشرعي فيتعين على محكمة الموضوع أن تعترف بها.

  • تجاوز حالة لدفاع الشرعي:-

تحدثنا فيما تقدم عن تعريف حالة الدفاع الشرعي ومن ثم ركني الدفاع الشرعي الواجب توافرها، وتكلمنا أيضا عن الشروط الواجب توافرها في كل ركن منهما، وخاصة فيما يجب على المعتدى عليه إلتزامه من ضوابط في حالة دفعه للإعتداء الواقع عليه، لأن ركن الإعتداء هو الموجد لركن الدفاع، وإذا انتهى الإعتداء إنتهت حالة الدفاع، فإذا أتى المعتدى عليه فعلاً بعد ذلك كان معتدياً وليس مدافعاً ويسأل عما قام به من أفعال بعد أن إنتهى الإعتداء، فالعبرة في تقدير قيام الدفاع الشرعي ومقتضياته هي ما يراه المدافع في الظروف المحيطة به، بشرط أن يكون تقديراً مبنياً على أسباب تبرره فإن قام المدافع بإنتزاع السلاح من يد المعتدي وشل حركته فإن دفاعه ينتهي عند هذا الحد ولا يجوز له تجاوزه؛ وتعد الأفعال التالية لها أفعال جرميه عمدية يسأل عنها المدافع .

ولكن حالة الإعتداء قد تمتد وتطول إذا ما أخذ المتعدي مال المعتدى عليه وفر هارباً به، فللمتعدى عليه أن يتتبعه حتى يسترد منه ماله، وله في ذلك أن يستعمل القوة المناسبة لإسترداد هذا المال ولو وصلت إلى حد قتل المعتدي فله أن يقتله إذا لم تكن أمامه وسيلة لإسترداد ماله إلا هذه، وفي كل ذلك لا يعتبر إعتداء المعتدى عليه منتهياًَ لأن حالة الدفاع تكون ما زالت قائمة؛ أما إذا قام المعتدى عليه بإستعمال قدر من القوة أكبر مما تقتضيه الضرورة لدفع الإعتداء الواقع عليه يكون في ذلك مسئولاً عن فعله الذي تعدى به مقدار الدفع المشروع ويعتبر الزائد عن هذا المقدار عدوانا غير مشروع يسأل عنه من الناحيتين الجنائية والمدنية لأنه بذلك يكون قد تجاوز حدود الدفاع الشرعي.

الطعن رقم ٧٥٩٧ لسنة ٨٠ قضائية

الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٨/٠١/٠٦

العنوان : أسباب الإباحة وموانع العقاب ” الدفاع الشرعي ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب معيب “. محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي ” . نقض ” حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون ” ” أثر الطعن ” .

الموجز : الدفاع الشرعي . مناط توافره ؟ حق الدفاع الشرعي لم يشرع للانتقام وإنما شرع لرد العدوان . تقدير توافر حالة الدفاع الشرعي أو انتفائها . موضوعي . حد ذلك ؟ تبرئة المطعون ضده استناداً لقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس في جريمة دخول مسكن ليلاً حال اعتدائه على المجني عليه رغم تمام الجريمة . قصور يوجب نقضه والإعادة . مثال .

  • معنى التجاوز:-

إتفق الفقهاء على أن تجاوز حدود الدفاع الشرعي هو إنتفاء التناسب بين جسامة فعل الدفاع والخطر الذي هدد المعتدى عليه، أي إستعمال قدر من القوة يزيد على ما كان كافياً لدرء الخطر، والتجاوز عن حدود الحق بهذا المعنى يستلزم سبق قيام حالة الدفاع بتوافر شروطها، وعلى ذلك فليس المقصود إنتفاء شرط من شروط الدفاع الشرعي .

فتخلف شرط من شروط فعل الإعتداء المستوجبة لقيام حالة الدفاع الشرعي ينفي وجود حق الدفاع الشرعي قانوناً، فإذا كان الخطر مشروعاً أو كان مستقبلاً فلا نكون بصدد حق الدفاع الشرعي وإنما في محيط التجريم، كذلك إذا لم يكن الدفاع لازماً ولم يكن موجهاً لمصدر الخطر، فإن سبب الإباحة لا يقوم قانوناً، أما شرط التناسب فهو يفترض توافر الشروط الأخرى مجتمعة والتي بها يثبت الحق قانوناً، وما شرط التناسب إلا الإطار الذي يجب أن يباشر الدفاع في نطاقه، وعليه إذا تخلف التناسب بين جسامة الخطر والدفاع كنا في نطاق التجاوز .

والشريعــة الإسـلامية لـم تخـتلف عـن القـانون الوضـعي في شيء فقـد عرفت التجـاوز بأنه:- إستعمـال المدافع قـوة أكثر مما تقضي الضرورة لدفع الإعتداء .

  • حكم التجاوز:-
  1. حكم القواعد العامة:-

إذا إنتفى التناسب فقد إنتفى شرط للدفاع الشرعي، فلا يكون للإباحة – طبقاً للقواعد العامة – محل، وبذلك يعد فعل الدفاع غير مشروع.

ولتحديد مسئولية المتجاوز يتعين التمييز بين حالات ثلاثة: الأولى إذا كان الخروج على حدود الدفاع الشرعي عمدياً، أي كان المدافع مدركاً جسامة الخطر وفي وسعه رده بفعل متناسب معه ولكنه فضل اللجوء إلى قوة تزيد على ذلك، فهو مسئول مسئولية عمدية كاملة، ذلك لأنه تعمد عدم مراعاة مقدار التناسب بين فعله والخطر المحدق به (الإعتداء الحال).

والثانية إذا كان خروجه على هذه الحدود ثمرة خطأ غير عمدي منه، كأن يكون المدافع قد حدد جسامة الخطر أو جسامة فعل الدفاع على نحو غير صحيح في حين كان في وسعه التحديد الصحيح، فهو مسئول مسئولية غير عمدية.

أما الثالثة فهي أن لا توجد محل لمسئولية المدافع إذا ثبت تجرد فعله من العمد والخطأ معاً، كما لو كان التجاوز وليد الإضطراب ودقة الموقف اللذين بلغا حدا أزال كل سيطرة لإرادته على فعله، وتعليل ذلك، إنتفاء الركن المعنوي للجريمة .

  1. حكم الشريعة الإسلامية:-

فقهاء الإسلام متفقون على إختلاف مذاهبهم بجوهر مسألة تجاوز الدفاع الشرعي وفي ذلك يعلق الدكتور الشربيني بالقول:((لأن ذلك جوز للضرورة ولا ضرورة للأثقل مع إمكان تحصيل المقصود بالأسهل وفائدة الترتيب المذكور أنه متى خالف وعدل إلى رتبة مع إمكان الإكتفاء بما دونها ضمن)) .

وعليه فإن الأصل في أفعال الدفاع أنها مباحة ولا عقاب عليها، ولكنها إذا تعدت الصائل (المعتدي) وأصابت غيره خطأ فالفعل الذي وقع على الغير لا يعتبر مباحاً إذا أمكن نسبة الخطأ والإهمال إلى المدافع فهو مسئول مسئولية غير عمدية وبالتالي تجب عليه الدية عما أقدم عليه

  1. حكم القانون في التجاوز:-

نص قانون الجزاء العماني في الفقرة الثانية من المادة (110) على أنه: يستفيد من العذر المخفف:- ((من كان عند إرتكابه الجريمة في سورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه)) تعد هذه الصورة التي تطرق إليها المشرع العماني من إحدى صور تجاوز حالة الدفاع الشرعي، ذلك أنه قام بهذا الفعل بسبب عمل غير محق آتاه المعتدي؛ وأود الإشارة إلى أن سبب اعتقادي بأن هذه الفقرة خاصة بإحدى حالات الدفاع الشرعي أو تجاوزها هي ذكر المشرع لعبارة “على جانب من الخطورة” لأن العمل الغير محق والخطر يمكن بأن يكون جريمة ومن الممكن بألا يكون كذلك؛ ومثال على الحالة الثانية هي فعل مأمور الضبط حينما يضطر لإستخدام القوة في بعض الحالات من أجل القيام بعمله، فمن الجائز حدوثه بأن يكون الخطر الناشئ عن فعله خطراً جسيماً يهدد النفس، فالأذى الذي يهدد به هذا الخطر غير قابل للإصلاح، وليس من المصلحة إهدار أهم حقوق الأفراد لمجرد ضمان مباشرة مـأمور الضبط إختصاصه؛ والخطر الجسيم هو الخطر الذي يهدد بإزهاق النفس أو إحداث الجروح البالغة .

ويتضح بأن المشرع أدرج هذه الحالة ضمن الأعذار المخففة للعقاب(عذر قضائي) و لم يضمنها مع المادة التي تحدثت عن حالة الدفاع الشرعي وهذا يعني بأن المشرع قد رأى بأنه لكي يستفيد المدافع من تخفيف العقوبة حسب هذه المادة أن تكون الزيادة في فعل الدفاع حدثت نتيجة ثورة إنفعال شديد، فلكي يستحق المدافع تخفيف العقوبة يتعين أن تكون الظروف التي أحاطت به وقت إرتكابه فعل الدفاع من شأنها أن تصيبه بثورة إنفعال شديد تجعله يقدم على فعل الدفاع دون مراعاة ما يستوجب الوقوف عنده، فلا يتمكن من تحقيق التناسب المطلوب بين دفاعه والإعتداء الواقع عليه، وطالما أن التجاوز قد تم تحت سورة الغضب فإن المتجاوز يستحق أن توقع عليه عقوبة مخففة أي يستفيد من العذر المخفف في مثل هذه الظروف؛ وعليه فإن القاضي حر في أن ينزل إلى حدود التخفيف التي أجازته هذه المادة أو لا ينزل كما يتراءى له؛ وأما الفقه المصري فذهب جانب إلى أن الطبيعة القانونية للتجاوز هي أنها لا تعدو إلا أن يكون عذراً قانونياً ، أما الجانب الثاني فذهب إلى ما ذهب إليه المشرع العماني، وهناك الجانب الثالث الذي رأى أنها ذو طبيعة خاصة، وهي تجمع بين العذر القانوني والعذر القضائي يتفق مع الأول بأن المشرع قد خصه بالنص وقصره على حالة معينة هي تجاوز المدافع لحقه، ويتفق مع الثاني بأن التقدير إختياري يرجع للقاضي بحسب ظروف كل واحدة على حدة.(1)(2)

ونص المشرع العماني كذلك في المـادة (253) الفقرة الثالثة على أنه:- (( إذا وقع الفعل نهاراً لا يستفيد الفاعل إلا من العذر المخفف عملاً بالمادة (109) من هذا القانون)) ويتضح من النص السابق على أن المشرع العماني تطرق لحالة تجاوز الدفاع الشرعي، في حالة ما إذا قام المدافع بالإقدام على قتل شخص دخل أو حاول الدخول لمنزله أو الملحقات الملاصقة لها خلال النهار.

ولم يعتبر المشرع بأن المدافع في الحدود القانونية لحالة الدفاع الشرعي بل عٌد متجاوزاً لها، ذلك أنه كان في مقدوره بأن يرد الإعتداء الواقع عليه بفعل أخف من القتل،ذلك لأن الفعل قد وقع نهاراً وليس بالليل، وكان بمقدوره بأن يستبين بشكل أوضح غاية المعتدي في الدخول لمنزله، أو أنه يمكنه دفع الإعتداء بشكل أخف من القيام بفعل جسيم تجاه المعتدي، لذلك وجب معاقبته عن تعسفه في إستعمال الحق الذي كفله القانون له، وفي رأيي المتواضع بأن هذه المادة تعد من قبيل العذر القانوني المخفف للعقاب كون أن المشرع قد نص عليه صراحة وأوجب بأن المدافع يستحق تخفيف العقاب عن فعله الذي أقدم عليه، ويجب على قاضي الموضوع التقيد بهذا العذر في حالة توافره وثبوت تحققه.

موسسة حورس للمحاماه  01129230200

Loading

Leave a comment